(قوله أعلى اللّه مقامه): و
مما ذكرنا ظهر فساد ما توهمه بعض المتأخرين، الخ:
بيان
ذلك أن صحة المتقدمين- كما عرفت و تبين غير مرة- ليست إلا الظن بالصدور و الوثوق
به و أين هذا من تعديل الراوي؟ لوضوح أن صحة نفس حديثه موثوقا بصدوره و مظنونا به
لإمارات هناك توجب ذلك ككون رواياته موجودة في الأصول التي عليها العمل و المعمول،
أو كونها مشهورة بين الأصحاب مفتى بها كما ذكر الشيخ- رحمه اللّه- و غيره ذلك في
كثير من الرواة، هذا حال الصحة عند المتقدمين فلا يفيد قول الرجالي- لو كان منهم
كالشيخ و النجاشي و أمثالهما من المتقدمين- توثيقا و تعديلا لصاحب الحديث كما هو
واضح.
و
أما المتأخرون الذين أحدثوا الاصطلاح الجديد كالعلامة و شيخه ابن طاووس و أمثالهما
ممن قال به، فالظاهر أنه يفيد تعديلا و توثيقا لراويه، إذ ذاك فائدة الاصطلاح، إذ
لا ثمرة له إلا حمل اللفظ المصطلح فيه على ذلك المعنى المصطلح عليه متى صدر من
لافظه مجردا عن القرائن الصارفة عنه، و حينئذ فيكون ذلك نافعا في تزكية ذلك
الراوي، إما لعدّ ذلك من الشهادة أو من الرواية كما هو المشهور، أو لكونه من
الظنون الاجتهادية كما هو الأقرب- على ما سمعت- فكان على (المصنف) التفصيل- كما
سمعت- بين كون القائل بهذا القول من شيوخ الرجال المتقدمين أهل الاصطلاح السابق
فلا يفيد تعديلا، و بين كون القائل من أهل الاصطلاح الجديد فيفيد، بل قد يقال
بافادة التعديل و التوثيق لو قال الرجالي الفقيه في كتب الاستدلال: في الصحيح أو
الحسن