(قوله أعلى اللّه مقامه):
قلت: إن لم يحصل العلم فالظن كاف، الخ.
لا
يخفى أنه بمقتضى السياق و السابق، فالمراد أنه إذا لم يحصل العلم برأي جماعة من
المزكين بالنسبة إلى العدالة و أنها الملكة عندهم أو غيرها فالظن برأيهم كاف فانه
قائم مقام العلم، و لكن هذا لا يناسب ما بعده و لا يلائمه و هو قوله: «كما هو
دأبهم و رويتهم» لعدم اعتبار هذا الظن اصلا و مطلقا، إذ الاصل عدم اعتبار الظن
بقول مطلق إلا ما خرج بالدليل، و ليس المقام منه جزما، و المناسب له كون المراد
أنه اذا لم يحصل العلم بالعدالة و الوثاقة فالظن بها كاف كما هو دأبهم و ديدنهم
لتعذر تحصيل العلم بها او تعسره مع شدة الحاجة اليها جدا، لعموم البلوى و البلية
بها، و هو كذلك، و لكن هذا لا يناسب ما تقدم عن (المنتقى) فانه بصدد العلم برأي
جماعة من المزكين و أنه أمر ممكن لمن تيسرت له القرائن المطلعة له على ذلك بسبب
اطلاعه و زيادة تتبعه لا العلم بنفس العدالة و الظن بها كما يقتضيه آخر كلامه، و
لعله- رحمه اللّه- أعرض عما حكاه عن (المنتقى) و أراد بيان الواقع و ما هو نافع، و
حاصله أن العلم- كما يدعي صاحب (المنتقى)- لا حاجة لنا تتوقف عليه، مع ما فيه من
الصعوبة و المشقة جدا إن لم يكن متعذرا، إذ الحاجة إنما هي بوثاقة الراوي و
عدالته، و العلم بها أيضا غير لازم، و الظن ممكن ميسور و كفايته مما لا اشكال فيه
بينهم، اذ عليها دأبهم و رويتهم حتى صاحب (المنتقى) اذ لا يسعه الالتزام به، و هو
غير مناف لطريقته، و على هذا فامره بالتأمل- أعلى اللّه مقامه- في آخر كلامه لعله
إشارة الى أن الظن