ومما ذكرنا يظهر الوجه في تقديم المرجح
الجهتي على المرجح المضموني ، لتقدم رتبته عليه ، وإن كان يظهر من صحيح « القطب
الراوندي » عن الصادق عليهالسلام
تقديم الترجيح بموافقة الكتاب على مخالفة العامة ، حيث قال عليهالسلام « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان
فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه ، وإن
لم تجدوه في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما
خالف أخبارهم فخذوه » [١]
والعمل بهذا الصحيح مشكل ، إلا أن يقال : إن موافقة الكتاب تكون من المرجحات
الصدورية ، فتأمل.
بقي التنبيه على أمور.
الأول :
الترجيح بصفات الراوي وإن لم يصرح به في
المقبولة لأنه لم يجعل صفات الراوي فيها من مرجحات الخبرين المتعارضين بل جعلت من
مرجحات الحكمين المتعارضين ، إلا أنه يمكن أن يقال : إنه لما كان منشأ اختلاف
الحكمين هو اختلاف الروايتين ، فيستفاد من ذلك أن المناط في ترجيح أحد الحكمين على
الآخر بالصفات ، لكون مثل هذه الصفات مرجحة لمنشأ الحكم وهو الرواية [٢] ويؤيد ذلك أن الأصدقية إنما تناسب
كونها مرجحة للرواية لا لنفس الحكم.
[١] الوسائل : الباب
٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩ ، مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.
[٢] أقول : فيه نظر
جدا ، كيف! والترجيح بالصفات المزبورة مضمون رواية « فرقد » في علاج تعارض الحكمين
، والأصحاب أيضا عملوا به مع عدم بنائهم على الرجوع إلى مدرك الحكم ، كما أشرنا.
مع أن الترجيح بالأفقهية إنما يناسب الترجيح الحكم والفتوى ولا يناسب الرواية ،
وما ذكر من التأييد في الأصدقية أيضا لا تأييد فيه ، إذ أصدقية الحاكم في حكمه
بملاحظة طريقية حكمه ، فلا يخلو عن