فالأقوى : وجوب الترجيح بالصفات التي
لها دخل في أقربية صدور أحد المتعارضين ـ كالأصدقية في القول والأوثقية في النقل ـ
ضرورة أنه ليس كل صفة في الراوي تكون مرجحة لروايته ، فان الورع والتقوى والمواظبة
على أداء الفرائض والسنن لا دخل لها في نقل الرواية ، إذ ربما يكون الفاسق أضبط
وأتقن في نقل الحديث من العادل. والمراد من قوله عليهالسلام
في المقبولة : « الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما »
ليس الأعدلية والأورعية بمعنى الزهد في الدنيا ، بل المراد منه الأعدلية والأورعية
في نقل الأحاديث.
ثم إن في وجوب تقديم الترجيح بالصفات
على الترجيح بالشهرة إشكال [١]
ولا يبعد أن يكون الترجيح بالشهرة مقدما على الترجيح بالصفات ، لأنه في المقبولة
جعلت الشهرة أو مرجحات الخبرين المتعارضين ، حيث قال عليهالسلام
بعد فرض كون الحكمين متساويين في الصفات : « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في
ذلك الذي حكما به الجمع عليه بين أصحابك الخ ». والظاهر : أن يكون عمل المشهور
أيضا على ذلك ، فإنهم لا يزالون يقدمون المشهور على غيره ولو كان راوي الغير أعدل
وأصدق.
الامر الثاني :
قد تقدم ـ في مبحث الظن ـ أقسام الشهرة
وما يصلح منها للترجيح ، ولا بأس بإعادته إجمالا في المقام ، فنقول : إن الشهرة
على أقسام ثلاثة : شهرة روايتيه ، وشهرة عملية ، وشهرة فتوائية.
أما الشهرة الروايتية : فهي عبارة عن
اشتهار الرواية بين الرواة وتدوينها في
المناسبة أيضا. ومن
هنا ظهر انه لا بعد في مرجحية مطلق الأعدلية مرجحة للحكم كالأورعية ، فتدبر.
[١] أقول : على
الكلام الأول يقتضي تقديم الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة ، لتقدمها على جميع
المرجحات حتى الشهرة.