متعارضين ، فان ذلك
واضح الفساد ، بل أقول : إن كلا منهما في حد نفسه مشمول لأدلة الاعتبار ، فحمل
الخبر الموافق للعامة على التقية إنما يكون بعد فرض التعبد بصدوره ، فلو فرض أن
الخبر الموافق لهم كان مشهورا عند أرباب الحديث والخبر المخالف كان شاذا غير مشهور
عند الأصحاب ، فمقتضى أدلة الترجيح هو البناء على عدم صدور الشاذ [١] ولا أثر لجهة مخالفته للعامة حتى
يتدارك بها جهة شذوذه ، ليزاحم الخبر المشهور الذي تقتضي أدلة الترجيح البناء على
صدوره.
[١] أقول : اعترافه
بان الترجيح بالمخالفة للعامة وموافقة الكتاب تخصص الأصول العقلائية ـ من أصالة
الجهة والدلالة ـ كون هذا الترجيح كالأصلين في ظرف صدور الكلام الواقعي ، وحينئذ
تقديم المرجح السندي عليهما في غاية المتانة ، إذ المرجح السندي يدل على عدم صدور
المرجوح ، فأين كلام الامام عليهالسلام
كي يرجح أصالة جهته على الأصل في الآخر؟ بل كان المرجح السندي رافعا لموضوع المرجح
الجهتي. ولكن لازم هذا المعنى ـ كما أشرنا في الحاشية السابقة ـ عدم انتهاء النوبة
إلى المرجح الجهتي ، لأنه بعد فرض تساقط عموم دليل السند مع عدم مرجح سندي في
البين لم يحرز كلام الامام عليهالسلام
كي ينتهي إلى ترجيح أصله العقلائي على غيره ، فلا محيص من الالتزام بكون المرجح
الجهتي أيضا ناظرا إلى اثبات صدور الكلام الملازم لنفي صدور غيره. وحينئذ هذا
المرجح كسائر المرجحات السندية ناظر إلى ترجيح السند ، وحينئذ لا يكون أحدهما
منوطا بالآخر ، فيكون جميع المرجحات في عرض واحد ، ولا وجه لترجيح أحدهما على
الآخر والى ذلك نظر العلامة الأستاذ قدسسره
في كلامه ، فاورد عليه.
بل لنا في المقام كلام آخر ،
وهو : ان التعبد بالجهة بعدما كان من آثار الكلام الواقعي ، فقضية الترجيح بالجهة
موجب في طرف الموافق تقية ، للعلم الاجمالي بعدم صدوره أو حمله على التقية ، ومع
هذا العلم لا مجال لترجيح السند في فرض وجود مرجح جهته في الموافق للعامة ، لان
العلم المزبور يمنع عن مجيء التعبد بسنده ، للعلم بعدم انتهائه إلى الأثر ، والى
ذلك أيضا نظر « العلامة الرشتي » المحكي في كفاية استاذنا ، لا ان نظره إلى وجود
هذا العلم الاجمالي مع قطع النظر عن الترجيح الجهتي ، كي يرد عليه ما افاده
العلامة الأستاذ. كما أن كلامه السابق أيضا وارد على الشيخ ، بملاحظة ان الترجيح
بالجهة فرع الصدور ، ومع الشك فيه لا ينتهي إلى الترجيح بالجهة ، فهذه ربما يشهد
بان المرجح الجهتي أيضا راجع إلى الصدوري ، فتدبر.