و كلاهما ضعيفان، لأنّ النيّة الأولى إنّما يؤثر ما لم يطرأ نيّة مخالفة لها، و إلّا يلزم أن لا يبطل الوضوء بطريان نيّة ضدّ القربة، و لأنّ عدم المشروعية قبل الفراغ من الواجب إنّما يستلزم امتناع القصد مع العلم بعدم الفراغ، أمّا إذا اعتقد الفراغ فلا مانع من القصد، و هو ظاهر.
و أمّا البطلان: فلعدم وقوع الوضوء بتمامه بقصد الوجوب حقيقة أو حكماً، مع لزومه.
و قد أيّد الأوّل بأنّ شرعية الثاني إنّما هي لتدارك ما فات في الأوّل، فيجب أن يحصل.
و ينبّه عليه حسنة زرارة و بكير، عن الباقر (عليه السلام)، إذ سألاه عن إجزاء الغرفة الواحدة؟ فقال
نعم، إذا بالغت فيها، و الثنتان تأتيان على ذلك كلّه.
و فيه أيضاً ضعف، لأنّ كون الشرعية للتدارك ممنوع لا بدّ له من دليل، و الحسنة المذكورة ظاهرها الغسلة الأولى لا الثانية، كما لا يخفى.
و اعلم أنّ بطلان الوضوء هيهنا يمكن تعليله بوجهين، باعتبار نية الوجوب، و باعتبار نية الاستباحة، و ما ذكر من التصحيح و الإبطال إنّما هو بالاعتبار الأوّل، و قس عليه الاعتبار الثاني، و إذا كان الغسلتان واجبتين أو مندوبتين يسقط الاعتبار الأوّل، إلّا إذا اعتبر في النيّة قصد حيثية الوجوب و الندب.
و بما ذكرنا ظهر أنّ الأظهر على مختارهم من اشتراط قصد الوجه و الاستباحة