و هذا بظاهره دليل على أنه لا يرى وجوب الوضوء لو وجد بلل مشتبه بعد البول و قبل الاستبراء، لكنه قد صح في المبسوط بالوجوب، و كأنه لما كانت الروايتان دالتين على إعادة الوضوء مطلقا فحملهما على الاستحباب في أحد نوعيه و هو ما بعد الاستبراء و حمل البلل أولا على البلل الذي لا يشتبه بالبول فلذا حمل على الاستحباب و حمله ثانيا على البلل المشتبه به فحكم بوجوب الوضوء، و الله أعلم.
ثم إن الظاهر من كلام الأصحاب أن البلل الذي يوجب إعادة الوضوء إذا خرج قبل الاستبراء إنما هو البلل المشتبه بالبول و لم يصرحوا بالمراد من الاشتباه هل هو الشك، أو مجرد الاحتمال كاف؟ و الروايات مطلقة، فالأولى و الأحوط إعادة الوضوء باحتمال البول، و كذا الحال في البلل المشتبه بالمني.
و أما الرابع، و هو وجدان البلل بعد الاجتهاد دون البول، فهو يحتمل وجهين، لأن إما أن يكون مع تيسر البول أو لا، أما الأول فالظاهر من كلامهم وجوب إعادة الغسل حينئذ أيضا، و يفهم من ظاهر الشرائع و النافع عدم الوجوب، و لا يخفى أن الخلاف المنقول عن الصدوق في الصورة الثانية جريانه في هذه الصورة أظهر بالنسبة إلى عدم وجوب الغسل، و أما بالنسبة إلى وجوب الوضوء، فلا يعلم حاله، و الأول أظهر، لإطلاق الروايات المتقدمة المتضمنة لإعادة الغسل بدون البول مع متابعة الأصحاب، و إن كان للمناقشة مجال، و الاحتياط أن يضم في هذه الصورة مع الغسل وضوء أيضا خروجا عن عهدة إطلاق رواية الفقيه، و كذا في الصورة الثانية.