فحينئذٍ لا يدخل فيما سبق و يحتاج إلى الإشارة إلى أنّ الجفاف حينئذٍ أيضاً مثل الجفاف في الأثناء، إذ الإتيان بالمشكوك و ما بعده من تتمّة الوضوء، و لم يخصّ الحكم بهذه الصورة بل عمّمه، لأنّه أفيد و أخصر.
ثمّ اعلم أنّ الظاهر من الرواية المذكورة الإعادة على العضو المشكوك مطلقا بدون تقييده بعدم الجفاف، فالتخصيص به إمّا لروايتي معاوية بن عمّار و أبي بصير، المتقدمتين في بحث الموالاة.
فيرد عليه: أنّهما لا يشملان ما نحن فيه، إذ هما تختصان [1] بصورة خاصة.
فإن تمسك بعموم التعليل بأنّ الوضوء لا يبعّض، ففيه: أنّك قد عرفت أنّه لا ظهور له في مجرد التفريق و لا مجرد الجفاف، بل يمكن أن يكون المراد منه [2]: قطع الوضوء مع الجفاف. و تحقّقه فيما نحن فيه ممنوع، خصوصاً في بعض صوره ممّا لم يقع فصل كثير بين الإتيان على العضو السابق و الإعادة على المشكوك، مع أنّه عام أيضاً مثل هذه الرواية، فتخصيص الرواية به دون العكس [3] ترجيح بلا مرجح، بل ينبغي أن يكون الأمر بالعكس، لصحّتها دونه.
فإن قيل: إنّه معتضد بحصول البراءة اليقينية من التكليف اليقيني.
قلنا: قد عرفت ما فيه غير مرّة، مع أنّ التكليف اليقيني هيهنا ليس إلّا بالغسل و المسح مطلقا، و هو يصدق مع الجفاف أيضاً، فالبراءة اليقينة أيضاً حاصلة، إذ الامتثال يستلزم [4] الإجزاء، و التقييد لا بدّ له من دليل و ليس.