و هذه الرواية في التهذيب أيضاً، في باب صفة الوضوء [1]، و في الكافي في باب مسح الرأس.
فإن قلت: قد أنكر سيبويه في سبعة عشر موضعاً في كتابه مجيء الباء للتبعيض، و أنكر ابن جنّي أيضاً، فكيف يتمسّكون بهذا الخبر الدالّ على أنّ الباء للتبعيض؟
لا يقال: بعد ورود الرواية عن أصحاب العصمة (عليهم السلام) لا مجال للالتفات إلى كلام سيبويه و ابن جني، لأنّ القطع بصدوره [3] عن المعصوم (عليه السلام) غير حاصل، و إنّما العمل به باعتبار الظنّ، و عند تحقّق مثل هذا المعارض يضعّف الظنّ بصدوره عنه، فلا يبقى صالحاً للاحتجاج.
قلت: إنكار سيبويه و ابن جنيّ معارض بإصرار الأصمعي على خلافه، و قد وافقه أيضاً جمع من النحويين كأبي علي، و ابن كيسان، و ابن مالك، و نقل أيضاً عن الكوفيين جميعاً.
و حملت على التبعيض أيضاً في قوله تعالى عَيْناً يَشْرَبُ بِهٰا عِبٰادُ اللّٰهِ، و في قول الشاعر:
شربن بماء البحر ثمّ ترفعت
و إنكار سيبويه و نفيه له كأنّه من أصحاب البصريين، كما صرّح به ابن جنيّ.
و يمكن أن يقال أيضاً: إنّ الإمام (عليه السلام) ما حكم بأنّ معنى الباء
[1] التهذيب 1: 61/ 168، إلّا أنّه أسقط قوله: «فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه، فعرفنا أنّه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين».