نام کتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة نویسنده : المحدث الإربلي جلد : 2 صفحه : 656
ساجد في الثرى، و روحه متعلّقة بالملإ الأعلى، يتململ إذا مرّت به آية من آيات الوعيد، حتّى كأنّه المقصود بها و هو عنها بعيد، تجد أمورا عجيبة، و أحوالا غريبة، و نفسا من اللّه سبحانه و تعالى قريبة، و تعلم يقينا لا شك فيه و لا ارتياب، و تعرف معرفة من قد كشف له الحجاب، و فتحت له الأبواب، إنّ هذه الثمرة من تلك الشجرة، كما أنّ الواحد جزء العشرة، و إنّ هذه النطفة العذبة من ذلك المعين الكريم، و إنّ هذا الحديث من ذلك القديم، و إنّ هذه الدرّة من ذلك البحر الزاخر، و إنّ هذا النجم من ذلك القمر الباهر، و إنّ هذا الفرع النابت من ذلك الأصل الثابت، و إنّ هذه النتيجة من هذه المقدّمة، و أنّه (عليه السلام) خليفة محمّد و علي و الحسن و الحسين و فاطمة المكرمة المعظمة، هذا أصله الطاهر.
و أمّا فرعه فما أشبه الأوّل بالآخر، فهم عليهم الصلاة و السلام مشكاة الأنوار و سادة الأخيار، و الأمناء الأبرار، و الأتقياء الأطهار، كلّ واحد منهم في زمانه علم يهتدى به، من وفّقه اللّه و سدّده و أمدّه بعنايته و عضده، و هداه إلى سبيله و أرشده، و أنجده بلطفه و أيّده، و عليّ بن الحسين (عليه السلام) دوحتهم التي منها تتشعّب أغصانهم، و أرم بني الحسين فمنه بسقت أفنانهم، و لساني يقصر في هذا المقام عن عدّ مفاخره، و وصف فضله، و عبارتي تعجز عن النهوض بما يكون كفاء لشرفه و نبله، و كيف لمثلي أن يقوم بواجب نعت مثله، و أين الثريا و الثرى، و إنّما يقدر على وصفه من كان يرى ما يرى، لكنّي أقول على قدر علمي لا على قدره، و نيّتي أبلغ من قولي عند ذكره، و قد قلت أبياتا في مدحه، و لا لائمة على من قال بعد إيضاح عذره:
مديح علي بن الحسين فريضة * * * عليّ لأنّي من أقلّ عبيده
إمام هدى فاق البريّة كلّها * * * بأبنائه خير الورى و جدوده
فطارفه في فضله و علائه * * * و سؤدده من مجده كتليده (1)
له شرف فوق النجوم محلّه * * * أقرّ به حتّى لسان حسوده
و نعمى يد لو قيس بالغيث بعضها * * * تبيّنت نجلا في السحاب وجوده
و أصل كريم طاب فرعا فأصبحت * * * تحار العقول من نضارة عوده
و نفس براها اللّه من نور قدسه * * * فأدركت المكنون قبل وجوده
(1) الطارف: المال الحديث أو المستحدث و يقابله التليد.
نام کتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة نویسنده : المحدث الإربلي جلد : 2 صفحه : 656