و قال أيضا في بيان تجويز بيع العسل و نحوه: اعتمادا على مقتضى طبعه، إذ ليس المراد بالغرر مطلق الجهالة، و إلّا لم يجز بيع الصبرة المرئي بعضها، و لا البيع بالوصف، بل على وجه مخصوص، و نمنع حصوله هنا. و اعلم أنّه ربما فهم من العبارة: أنّه لا يشترط مشاهدته أيضا، و الظاهر أنّه لا بد من المشاهدة، لئلا يلزم الغرر [2].
إلى غير ذلك من كلمات الفقهاء، من المتقدمين و المتأخرين، الواردة في موارد مختلفة، و قد ذكرنا شطرا منها ليعلم كون الاستدلال بالغرر من القواعد المسلّمة (بل) [3] المجمع عليها، و ليظهر موارد الغرر عندهم.
و قد ظهر: أنّ موارده عندهم هو الموافق لمعناه الذي ذكره اللغويون، و هو ما إذا كان المبيع أو الثمن في موضع الخطر، أي: موضع كان محتمل التلف احتمالا ملتفتا إليه عرفا و عادة، فيكون الخطر له [4] أو لعوضه، حيث يعطى عوضا عمّا لا يوثق به، فيذهب من اليد من غير وصول معوّضه.
[ذكر موارد الغرر]
و معظم تلك الموارد في مواضع ثلاثة:
أحدها: أن يكون الخطر باعتبار عدم الوثوق بإمكان التسليم، بأن يكون أحد العوضين غير مقدور التسليم، فيكون هو في الخطر، أي: معرض عدم الوصول. أو يكون عوضه الآخر في الخطر، حيث يذهب بلا عوض، فيكون تالفا.
و منه: ما ذكروه من بطلان بيع الآبق، و الطير في الهواء، و السمك في الماء، و المغصوب، و أمثال ذلك.