فإن قيل: أيّ فرق بين الهبة في المرض و الوصية في المرض؟!
قلنا: الهبة حكمها منجّز في الحال، و ما تعلّق في حال الحياة حقّ الوارث بمال المورث، و الوصية حكمها موقوف على الوفاة، و بعد الوفاة يتعلّق حقّ الورثة بمال المورث، فوجب أن تكون محسوبة من الثلث» [1] انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه.
و إنّما نقلناه بطوله ليظهر لك أنّ الظاهر من كلامه أنّه لا يختصّ بالهبة كما ينبّه عليه فرقه بين الهبة و الوصيّة، مع أنّ الظاهر أنّه لا قائل بالفرق.
و يظهر عدم القول بالفرق من الشهيد (رحمه اللّه) في غاية المراد أيضا، فإنّه قال عند الاستدلال برواية علي بن عقبة الآتية [2]: «قال بعضهم: هي مخصوصة بالعتق فلا تعمّ، و هو ضعيف لعدم القائل بالفرق» [3].
[الوجه] الرابع: قوله (عليه السلام): «الناس مسلّطون على أموالهم»
[4] فإن التسلّط على المال عموما يقتضي جميع أنواع التصرّفات، و منها إخراجها بأجمعها عن ملكه.
[الوجه] الخامس: العمومات الواردة في تلك المعاملات
الشاملة لحالة المرض و غيرها، و هي مذكورة في أبوابها.
[الوجه] السادس: الأخبار الكثيرة الواردة في خصوص ما نحن فيه.
فروى الصدوق (رحمه اللّه) في باب الوصية بالعتق و الصدقة و الحجّ في الصحيح، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل حضره الموت، فأعتق غلامه و أوصى بوصية، فكان أكثر من الثلث، قال: «يمضي عتق الغلام، و يكون النقصان فيما بقي» [5].