و يظهر ذلك من الكليني (رحمه اللّه) أيضا حيث عقد بابا لأنّ صاحب المال أحقّ بماله ما دام حيّا، و ذكر الأخبار الدالّة على ذلك [1]. و الأوّل أقرب
لنا وجوه:
[الوجه] الأول: الأصل
، تمسّك به بعض الأصحاب.
و الحقّ أنّ الأصل هنا لا يثبت إلّا جواز الفعل، أمّا ترتّب الأثر و هو اللزوم فيما زاد على الثلث فهو حكم شرعيّ يحتاج إلى الدليل، و الأصل عدمه، و لا معنى له إلّا إرادة العمومات، و لكن العمومات دليل آخر.
[الوجه] الثاني: الاستصحاب،
فإنّه قبل المرض كانت تصرّفاته لازمة في جميع أمواله، فيستصحب.
و العجب أنّ العلّامة في المختلف [3] و الشهيدين [4] و غيرهم [5](رحمهم اللّه) من المتصدّين لنقل الأقوال لم ينقلوا عن السيّد في المسألة قولا.
قال في الانتصار: «و ممّا انفردت به الإماميّة أن من وهب شيئا في مرضه الذي مات فيه إذا كان عاقلا مميّزا تصحّ هبته، و لا تكون من ثلثه، بل من صلب ماله، و خالف باقي الفقهاء فيه، و ذهبوا إلى أنّ الهبة في مرض الموت محسوبة من الثلث.
دليلنا الإجماع، و لأنّ تصرف العاقل في ماله جائز، و ما تعلّق للورثة بماله و هو حيّ حقّ، فهبته جائزة، و لذلك صحّت بلا خلاف نفقته جميع ماله على نفسه في مأكل و مشرب.