قلت:- مع أنّ ذلك في غاية البعد مع عدم اطّلاع الذين هم أقرب منه و آنس بأخبار أهل البيت (عليهم السلام) منه،- يرد عليه أنّه لعلّه انعقد الإجماع حينئذ على فرض التسليم على سبيل التقيّة؛ إذ كما أنّ مستند الإجماع و مرجعه قد يكون العلم برأي الإمام من باب مرّ الحقّ، فقد يكون ذلك من جهة حصول العلم به من باب التقية.
و هذا يمكن أن يكون توجيها في كلّ إجماعين متخالفين يدّعيهما الأصحاب، فليكن على ذكر منك.
[الأمر] الثاني: [التمسّك بإطلاق الأخبار لعدم وضع المؤن]
إطلاقات الأخبار و عموماتها، مثل ما رواه الكليني في الصحيح، عن الحلبي قال، قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «في الصدقة فيما سقت السماء و الأنهار إذا كان سيحا أو كان بعلا العشر، و ما سقت السواني و الدوالي، أو سقي بالغرب فنصف العشر» [1].
و ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة و بكير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «في الزكاة ما كان يعالج بالرشاء و الدوالي و النضح ففيه نصف العشر، و إن كان يسقى من غير علاج بنهر أو عين أو بعل أو سماء، ففيه العشر كاملا» [2]، و في معناها أخبار كثيرة [3].
وجه الاستدلال بها، أنّ الحكم معلّق على كلّ ما سقي، فإخراج المؤن تخصيص بلا دليل.
أقول: يمكن أن يجاب عن ذلك بوجوه:
[الوجه] الأوّل: [الجواب الأوّل عن التمسّك بإطلاق الأخبار]
أنّ العامّ و المطلق إنّما يعتبر عمومهما و إطلاقهما بالنسبة إلى ما يخطر في أذهان المكلمين و المخاطبين، و التكاليف إنّما تصدر على متفاهم المتحاورين؛ إذ كلّ موضوع مقيّد بقيد العموم أو الإطلاق له شئون و جهات، قد
[1]. الكافي 3: 513، ح 3؛ وسائل الشيعة 6: 125، أبواب زكاة الغلات، ب 4، ح 2.
[2]. تهذيب الأحكام 4: 16، ح 40؛ الاستبصار 2: 15، ح 43؛ وسائل الشيعة 6: 125، أبواب زكاة الغلات، ب 4، ح 5.
[3]. انظر وسائل الشيعة 6: 125، أبواب زكاة الغلات، ب 4.