و أما العمل على الإطلاق في خصوص الكفن: فإنّما هو من دليل آخر.
فقد ظهر ممّا مرّ أنّ الوصية كالدين في تعلقه بالحبوة، و أنّ الأظهر فيه التعلّق أيضا كالكفن.
فإذا كان للميّت ستّون دينارا و حبوة تسوّي ثلاثين دينارا و أوصى بثلاثين دينارا و له ولدان ذكران، فللولد الذكر الأكبر الحبوة و عشرة دنانير، و لأخيه عشرون دينارا، و للوصيّة ثلاثون دينارا.
و أمّا لو أوصى بعين من أعيان التركة خارجة من الحبوة: فلا تتعلّق بالحبوة من حيث إنّها وصيّة، و إن تعلقت بها إذا لم يبق له مال آخر، أو لم تكن الحبوة زائدة من الثلث على القول باشتراطهما كما أشرنا سابقا.
و لو كانت الوصيّة ببعض الحبوة، فيصحّ إن كانت بقدر ثلث المال فما دون كما في غير الحبوة من أقسام الأموال، فإنّ له الوصيّة في الثلث بالنسبة إلى جميع المال، و ثلث كلّ واحد من الحصص هو ثلث المجموع، و إن زاد من ثلث المال، فيتوقّف في الحبوة على إجازة المحبو خاصّة.
و من جميع ما ذكرنا يظهر أنّ التركة إذا كانت منحصرة في الحبوة و للميّت دين مستغرق، فلو فكّ الحبوة الذكر الأكبر من حاقّ ماله تبرّعا لا يعتبر مستحقا لها أيضا إلّا بقدر نصيبه منها لو قسمت بين كلّ الورثة، و كذا لو لم تستغرق الحبوة فكّها، فإنّما يملك من الذي في مقابل الدين بقدر حصّته منها.
و أمّا لو فكّها بماله لأجل نفسه: فهو أيضا لا يصحّ إلّا بقدر الحصّة؛ لأنّها في حكم مال الميّت، و الأولوية في الفك لكلّ الورثة، و لا يختصّ به أحدهم، فهذه معاملة فاسدة إلّا في حصّته، بل و كذلك الكلام فيما لو ينحصر الميراث في الحبوة، و كان الدين مستغرقا للتركة على المختار من عدم انتقال المال إلى الوارث إلّا بعد أداء الدين.