ثمّ ردّه بأنّ البطلان مراعى بعدم حصول أحد هذه الأمور، فلا ينتفي رأسا [1]. و إن لم يستغرق الدين التركة فذكروا فيه وجهين أيضا.
[الوجه] الأوّل: أنّ الدين إنّما يمنع الحبوة كمّلا، بل يوزّع الدّين على مجموع التركة، فينقص من الحبوة شيء بإزاء ما يقابلها من الدين؛ نظرا إلى ظاهر الآية و الأخبار، فإنّ ظاهرها أنّ الميراث لا يثبت إلّا بعد أداء الدين، و الحبوة من جملة الميراث.
و لو أدّاه الوارث من هذا المال أو غيره أو تبرّع متبرّع به أو أبرأه المدين، فيرتفع المنع، و تثبت الحبوة كأصل الميراث، كما مرّ في المستغرق، بل بطريق الأولى.
و [الوجه] الثاني: أنّه لا يمنع الحبوة كملا، بل تعطى الحبوة صاحبها بتمامها، و يقضى الدين من الباقي؛ لإطلاق النصوص الواردة في الحبوة من غير تقييد.
و هذا الوجه هو ظاهر الدروس [2]، كما أنّ الظاهر من الروضة الميل إلى الأوّل [3].
و تحقيق المقام يحتاج إلى تمهيد مقدّمة و هي أنّ المال لا ينتقل إلى الوارث حتّى يؤدّى الدين كما حققناه في رسالة مفردة [4]، و بيّنّا فيها ضعف قولهم: «إنّ الميت ليس بقابل للملك» و دلّ الدليل على أنّه لا ينتقل إلى المدين بمحض الموت؛ لأنّه إجماعي، فوجب كونه للوارث؛ لاستحالة بقاء الملك بلا مالك، و ليس هنا أحد آخر ينتقل إليه، و منعنا عدم قابلية الميّت للملك و استحالته كما يثبت في الكفن، مع احتمال انتقاله إلى اللّه تعالى كما في الوقف، و ذكرنا وجه دلالة الآية، و ذكرنا من الأخبار ما يدلّ عليه أيضا.
[2]. الدروس الشرعية 2: 363 قال: لو خلّف دينا مستغرقا فلا حبوة، قال الشهيد الثاني في الروضة البهية 8: 119 و يفهم من الدروس الشرعية أنّ الدين الغير المستغرق غير مانع لتخصيصه المنع بالمستغرق.