كما بيّنّاها، إن لم نقل بأنّ التقايل إنّما هو في العقود، و القسمة ليست بعقد، فمقتضى تعين الحقّ عدم رجوع أحدهما إلى الآخر، و عدم تملّك أحدهما لمال الآخر إلّا بناقل جديد غير الملك الأوّل، و الأظهر ثبوته، بل لا يبعد الثبوت في المثالين المتقدّمين إذا رضي العبد بالتقايل، فإنّ لهم أيضا حينئذ حقّا، فيصحّ التكرار مع رضاهم.
و أمّا فيما لو تراضيا على السهام بدون القرعة: فلظاهر لفظ القسمة الوارد في الآية و الأخبار، فإنّما هو تميّز الحقّ و تعيّنه، و لا ريب في صدقه عرفا على ما نحن فيه.
و يدلّ على صدقه عليه ما سننقله من بعض أخبار الشفعة أيضا، فإذا رخّص الشارع في جعل الكلّي الذي هو حقّه جزئيا حقيقيا بتعيينه و تشخيصه في فرد خاص، فينتفي حقّه عن سائر الأجزاء، و العود إليه يحتاج إلى دليل.
و ليس ذلك مثل الهبة التي يجوز فيها الرجوع؛ إذ الذي يرجع فيه هو أصل العين التي كانت مملوكة، و لم يعلم زوال تسلّطه عليها رأسا، و الأصل بقاؤه، مع أنّ النصّ دلّ عليها بالخصوص، بخلاف ما نحن فيه، فإنّ مملوكه أوّلا كان هو الأمر الدائر بين الأمرين كما سنبيّنه، و فيما بعد حصوله إنّما كان بسبب الاشتباه، و بعد التعيين فلا وجود لهذا الكلي الجعلي. و فهم ذلك يحتاج إلى لطف قريحة و إعمال روية.
و لا يشبه المعاطاة أيضا على القول بعدم اللزوم إلّا بعد التصرّف كما هو المشهور؛ إذ المالان هناك كلّ واحد منهما عوض عن الآخر، و فيما نحن فيه كلّ منهما مال نفسه، لا لنفس العوض الواصل إليه من غيره.
و توضيحه أنّ القسمة مسبوقة بالتقسيم ضرورة، و التقسيم بمعنى التفريق، و هو لا يستلزم القسمة.
فنقول: إنّ الجسم المشترك بين الشريكين فصاعدا، مناصفة أو أثلاثا أو أرباعا أو مختلفا يشترك الشركاء فيها بنسبة ملكهم فيها على سبيل الإشاعة، فصاحب النصف