و ذكر بعضهم أنّ المراد بالرواية عموم مثل قوله (عليه السلام): «لي الواجد يحلّ عرضه و عقوبته» [3] فإنّ الجواب حقّ المدّعي، و ممّا يجب على المدّعى عليه، فمنعه يستحقّ الحبس و العقوبة حتّى يؤدّيه، و دلالته على لزوم الحبس أوّلا غير ظاهرة. و مستند القول الأخير جعله من باب النهي عن المنكر.
و أمّا القول المنقول عن المبسوط [4]، و هو مختار ابن إدريس في السرائر [5]: فدليله جعله من قبيل الناكل مبنيّ على جعل السكوت نكولا، و هو في معرض المنع، و الظاهر أنّ تخصيص الكلام في القضاء بالنكول يشمله.
ففيه: أنّ الأدلّة الّتي ذكروها- و قد تقدّمت كلّها- ظاهرة في صورة الإنكار، و بعد عجز المدّعي عن إقامة البيّنة، و أين ذلك من السكوت أوّلا، فقد يكون للمدّعي بيّنة يريد إقامتها لو أنكر المدّعى عليه، فالحكم بالنكول مع ردّ اليمين على المدّعي، قد يكون موجبا للإجحاف به، و قد لا يمكنه اليمين؛ لعدم العلم لنفسه، كما لو كانت دعواه من جهة إخبار الشاهدين فقط، أو نحو ذلك، كما مرّ. و كذلك الحكم بالنكول بدون ردّ اليمين على القول الآخر يوجب ثبوت الحق على مسلم يقتضي الأصل براءة ذمّته بمجرّد سكوته، و ليس ذلك أحد الوجوه المستخرجة للحقّ المعدودة في الأخبار.