تلك الروايات: «و لا بيّنة له» نفي البيّنة في نفس الأمر.
و هو بعيد، بل الظاهر منها عدم إمكان إقامة البيّنة حال الحكم، سواء علم بوجودها و لا يمكنه الإقامة، أو لم يعلم حينئذ بوجودها، لنسيان أو غيره، أو لعدمها أصلا. و رواية جميل [1] أظهر ظاهر فيما ذكرنا.
و قد مرّ نظيره في إقامة البيّنة بعد تحليف المدّعي.
حكم صورة ذكر السبب و طلب الإمهال
و إن ذكر سببا للامتناع مثل أن يقول: لا أحلف لعلّي أتذكّر بيّنة، أو لأنّ لي بيّنة ستحضر، أو أسأل الفقهاء، أو أنظر في الحساب، و نحو ذلك، قال في المسالك: «ترك و لم يبطل حقّه من اليمين».
و استشكل في ذلك المحقّق الأردبيلي (رحمه اللّه)[2]، و تبعه صاحب الكفاية أيضا [3]؛ لعموم الأدلّة، و ظاهر عبارة التحرير المتقدّمة [4] أيضا عدم الإمهال، و عدم سماع الدعوى.
ثمّ على تقدير الإمهال، فهل يقدّر أم لا؟ فيه وجهان، استجود في المسالك الثاني؛ لأنّ اليمين [5] حقّه، و له تأخيره إلى أن يشاء كالبيّنة، بخلاف المدّعى عليه، فإنّه لا يمهل إذا استمهل؛ لأنّ الحقّ فيه لغيره، بخلاف المدّعي فإنّه لو أخّر حقّه فيقبل إذا كان له عذر مسموع.
أقول: و لا يبعد أن يقال: المتبادر من تلك الأخبار أنّه إذا لم يحلف المدّعي آبيا عنها، فلا حقّ له، و المستمهل المتعذّر لا يقال له: أبى عن الحلف، فيبقى تحت
[1]. الفقيه 3: 37، ح 127، وسائل الشيعة 18: 177، أبواب كيفية الحكم، ب 7، ح 6.