أجنبيّ بالعقل و الشرع ترك مثل هذا العالم إلى الجائر.
[حكم القضاء بالتقليد]
و القول بعدم جواز خلوّ العصر عن مجتهد، ضعيف، كما بيّنّاه في القوانين [1]، مع أنّه قد لا يمكنه الوصول إلى كلّ النواحي، لا بنفسه، و لا بواسطة المكاتبة و غيرها.
فإن قلت: قد يمكن رفع الفساد بالصلح.
قلنا: مسائل الصلح أيضا أكثرها اجتهادية في غاية الإشكال، سيّما في مواقع الصلح الإجباري، و سيّما إذا كان الطرفان أو أحدهما يتيما أو غائبا، و المفروض فقد المجتهد حتّى يقلّد في ذلك. مع أنّا نقول: إنّ الرجوع إلى هذا العالم أحد الطرق لرفع العسر و الحرج، لا أنّه منحصر فيه، فربّما يكون أحد فردي الواجب المخيّر، و ربّما يكون معيّنا.
فإن قلت: على ما ذكرت، يلزم التعدّي إلى العاميّ البحت لو فقد مثل هذا العالم و انحصر في الرجوع إليه.
قلت: فرض انتفاء المقلّد المذكور و لو من الكتب الفقهيّة في غاية البعد، فلو فرض فتلزمه أيضا لرفع الفساد؛ إذ غاية الأمر أنّه يصير مثل أيّام الجاهليّة، و لا ريب أنّ العقل الذي هو رسول الباطن حاكم مستقلّ قبل التمكّن من الشرع، فمهما حكم بوجوب رفع الفساد و حسب الممكن يجب اتّباعه و لو بارتكاب أقلّ القبيحين.
فإن قلت: غاية الأمر هنا وجوب متابعة العقل فيما يستقلّ به، و أمّا جعل ذلك حكما شرعيا من حاكم شرعيّ لا يجوز نقضه من أين؟! و هو إنّما يتمّ في رفع الفساد، أمّا مطلق نفي الضرر و الحرج فمن أين؛ إذ لم يستقل العقل في جميع موارده كثبوت خيار الغبن و لزوم الإجبار في القسمة إذا لم يتصوّر في تركه فساد؟!
قلت: نعم، و لا نريد فيه إلّا ذلك.
فإن قلت: فلم لا تقول في المقلّد المتعارف أنّ جواز حكمه إنّما هو من جهة رفع