السادس: إن الصحة و الفساد وصفان إضافيان يختلفان بحسب الآثار و الأنظار [1]، فربما يكون شيء واحد صحيحا بحسب أثر أو نظر و فاسدا بحسب آخر، و من هنا صح أن يقال: إن الصحة في العبادة و المعاملة لا تختلف، بل فيهما بمعنى واحد التسبّب مع اعتبارها [1].
أقول: قد ذكرنا في بحث البيع أنّ الملكية الشرعية لا تكون فعلا تسبيبيا للعاقد و لا ينشئها العاقد فإنّها فعل الشارع و حكمه و لا معنى لإيجاد شخص حكم الآخر و اعتباره، و إنّما يعتبر العاقد الملكية التي هي اعتبار نفسه و يبرزها لتحقّق عنوان المعاملة من البيع و الهبة و غير ذلك، و لذا قد يقصد المالك المعاملة مع علمه بفسادها شرعا و أنّ شرعا في النهي عن معاملة بمعناها المصدري هو إيجادها- إذ لا ينافي النهي عن الإيجاد مع إمضائها بعد وجودها فلا مورد لتوهم المنافاة عقلا و لا عرفا، فكما أنّ طهارة الثوب شرعا بالغسل غير منوط بأن يقصد الغاسل ترتّب تلك الطهارة كذلك الملكية الشرعية غير منوطة بقصد العاقد حصولها و لو كان لتوهم المنافاة بين حرمة الإيجاد و بين اعتبار الشارع بعد الوجود وجه في المعاملات كان ذلك الوجه جاريا في الطهارة أيضا.
معنى الصحة و الفساد
[1] ذكر (قدّس سرّه) ما حاصله أنّ الصحّة في العبادة و المعاملة بمعنى واحد و هي التمامية، كما أنّ الفساد فيهما بمعنى عدم التمامية، و لكنّ التمامية في كلّ منهما بلحاظ ما هو الملحوظ في كلّ منهما، فالملحوظ في العبادة أمر و الملحوظ في المعاملة أمر آخر، كما أنّ الملحوظ في العبادة يختلف بحسب الأنظار، فالملحوظ