الخامس: إنه لا يدخل في عنوان النزاع إلّا ما كان قابلا للاتصاف بالصحة و الفساد [1]، بأن يكون تارة تاما يترتب عليه ما يترقب عنه من الأثر، و أخرى لا كذلك، لاختلال بعض ما يعتبر في ترتبه، أما ما لا أثر له شرعا، أو كان أثره مما لا يكاد ينفك عنه، كبعض أسباب الضمان، فلا يدخل في عنوان النزاع لعدم طروء الفساد عليه كي ينازع في أن النهي عنه يقتضيه أو لا، فالمراد بالشيء في العنوان هو العبادة بالمعنى الذي تقدم، و المعاملة بالمعنى الأعم، مما يتصف بالصحة و الفساد، عقدا كان أو إيقاعا أو غيرهما، فافهم.
لا ينافي ترتّب الأثر فإنّ النهي عن الإيجاد و ترتّب الأثر بعد الوجود لا يتنافيان، و هذا بخلاف الأمر بالستر في الصلاة أو النهي عن الطواف عريانا فإنّ الأمر و النهي فيهما إرشاد إلى أخذ الستر في الصلاة و الطواف قيدا، و مع القيد المنهي عنه لا يبقى إطلاق في ناحية الطبيعي المأمور به و لا يمكن الترخيص في التطبيق كما أوضحنا ذلك في مبحث جواز اجتماع الأمر و النهي و امتناعه.
المراد من المعاملة في البحث
[1] هذا الأمر لبيان أنّ المراد بالشيء في عنوان النزاع، العبادة بالمعنى المتقدّم، و المعاملة بالمعنى الأعم و هو كلّ ما يقع تارة بنحو يترتّب عليه الأثر المترقّب منه و أخرى يقع بنحو لا يترتّب عليه ذلك الأثر فيوصف الأوّل بالصحّة و الثاني بالفساد سواء كان ذلك الشيء من المعاملة بمعنى العقد و الإيقاع أو من غيرهما كذبح الحيوان، حيث يترتّب عليه تذكيته تارة و لا يترتّب عليه أخرى، و كغسل الثوب من الخبث حيث يترتب على غسله طهارته تارة و لا يترتب عليه طهارته أخرى.
نعم، ما لا ينفك ترتّب الأثر عنه كبعض أسباب الضمان مثل إتلاف مال الغير