ثم لا يخفى عليك أن المراد بكونه في مقام بيان تمام مراده، مجرد بيان ذلك و إظهاره و إفهامه، و لو لم يكن عن جد، بل قاعدة و قانونا، لتكون حجة فيما لم تكن حجة أقوى على خلافه، لا البيان في قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة، فلا يكون الظفر بالمقيد- و لو كان مخالفا- كاشفا عن عدم كون المتكلم في مقام البيان، و لذا لا ينثلم به إطلاقه و صحة التمسك به أصلا، فتأمل جيدا.
و قد انقدح بما ذكرنا أن النكرة في دلالتها على الشياع و السريان- أيضا- تحتاج فيما لا يكون هناك دلالة حال أو مقال من مقدمات الحكمة، فلا تغفل.
بقي شيء: و هو أنه لا يبعد أن يكون الأصل فيما إذا شك في كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد، هو كونه بصدد بيانه، و ذلك لما جرت عليه سيرة أهل المحاورات من التمسك بالإطلاقات فيما إذا لم يكن هناك ما يوجب صرف وجهها إلى جهة خاصة، و لذا ترى أن المشهور لا يزالون يتمسكون بها، مع عدم إحراز كون مطلقها بصدد البيان، و بعد كونه لأجل ذهابهم إلى أنها موضوعة للشياع و السريان، و إن كان ربما نسب ذلك إليهم، و لعل وجه النسبة ملاحظة أنه لا وجه للتمسك بها بدون الإحراز و الغفلة عن وجهه، فتأمل جيدا.
و عدمه يتوقف على تمامية أمور:
الأوّل: إحراز أنّ المتكلم في مقام بيان تمام المراد؛ يعني المراد الاستعمالي بأن يحرز أن ما وقع في الخطاب موضوعا أو متعلقا يريد المتكلّم بيان تمام قيود ذلك الموضوع أو المتعلّق و الحكم، في مقابل جعل الموضوع أو المتعلق أو حكمه في الخطاب مهملا أو مجملا من حيث القيود، و لا يخفى أنّ عدم الإهمال و الإجمال في كل خطاب صادر عن متكلم حكيم، هو الأصل الأولى.
الثاني: عدم ذكره في الخطاب قرينة على القيد، و لم يكن في غير الخطاب