و إلّا تخلّف العلم عن المعلوم أيضا فإنّ المعلوم هو الفعل بمشيئة الفاعل و اختياره.
الثاني: أنّ إرادة اللّه و مشيئته من صفات الفعل و بها يكون الخلق و تكوين الأشياء و ليست من صفات الذات، فالعلم منه سبحانه و تعالى و إن كان عين القدرة و الحياة إلّا أنّ إرادته سبحانه و تعالى التي بها يكوّن الأشياء غير العلم و القدرة.
فما كان في علمه المكنون المخزون لا يكون فيه تغيير و لا تبديل و لا محو و لا إثبات، و يعبّر عنه باللوح المحفوظ و قضائه المحتوم، و ما لم يكن في المكنون من علمه فيجري فيه التبديل و المحو و الاثبات و هو قضاء اللّه غير المحتوم و البداء يتبع هذا القضاء بمعنى أنّ ما جرى في قضائه غير المحتوم المعبّر عنه بلوح المحو و الإثبات، و منه علمه الذي يظهر لملائكته و رسله و أنبيائه فإنّه قد يكون الشيء في هذا القضاء بنحو التعليق و التقدير، فلو كان هذا مخالفا لما في قضائه المحتوم وقع فيه البداء أي تغيير و تبديل، و ذلك لعدم حصول المعلّق عليه، أو حصول تقدير آخر، و الموجب لعدم حصوله مختلف فقد يكون تضرّع العبد و ابتهاله لربّه و توسّله بالأولياء المقرّبين لديه و توسيط شفاعتهم (عليهم السلام) كما ورد في دفع البلاء بالدعاء ورد القضاء به فعن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال سمعته يقول: إنّ الدعاء يردّ القضاء ينقضه كما ينقض السلك و قد ابرم ابراما [1] و عن الحسن بن عليّ الوشاء عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: الدعاء يدفع البلاء النازل ما لم ينزل [2]. و غيرهما من الأخبار الواردة فى أبواب الدعاء أو أمر آخر مما ورد في ترتّب الحسنة على التوسلات و العبادات
[1] الوسائل: ج 4، باب 7 من أبواب الدعاء، الحديث 4 و 8.
[2] الوسائل: ج 4، باب 7 من أبواب الدعاء، الحديث 4 و 8.