اللّهمّ إلّا أن يقال بحجية أصالة الحقيقة تعبدا، لا من باب الظهور، فيكون المرجع عليه أصالة العموم إذا كان وضعيا، لا ما إذا كان بالإطلاق و مقدمات الحكمة، فإنه لا يكاد يتم تلك المقدمات مع صلوح الاستثناء للرجوع إلى الجميع، فتأمل.
تلك النسبة الجزئية بنحو تطبيق المستعمل فيه عليها، و من ذلك يظهر انّ احتمال رجوع الاستثناء لجميع الجمل كاحتمال اختصاصه بالأخيرة، فلا يكون لها ظهور في أحدهما و لا يكون أيضا لسائر الجمل ظهور في العموم لاحتفافها بما يمنع عن ظهورها في العموم فيرجع إلى غيره من الدليل أو الأصل العملي.
إلّا أن يلتزم باعتبار أصالة الحقيقة تعبّدا لا من باب حجّية الظهور فإنّه على القول بكون أصالة الحقيقة معتبرة تعبّدا لا من باب حجّية الظهور يؤخذ بها في سائر الجمل إذا كان عمومها وضعيا بخلاف ما إذا كان إطلاقيا موقوفا على تمامية مقدّمات الإطلاق فإنّ مع الاستثناء بعد الجمل و احتمال رجوعه إلى الجميع لا تتمّ مقدّمات الإطلاق.
أقول: رجوع الاستثناء إلى الجميع لا يوجب كون استعمال العام مجازا ليرجع إلى أصالة الحقيقة في نفيه كما تقدّم نظير ذلك سابقا.
و للمحقق النائيني (قدّس سرّه) في المقام تحقيق حاصله: أنّ الاستثناء لا يرجع إلّا إلى عقد الوضع فهو تارة لا يتكرّر بأن لا يذكر العنوان العام إلّا في الجملة الأولى كقوله «أكرم العلماء و أضفهم و أحسن إليهم إلّا الفسّاق منهم» ففي مثل ذلك يرجع الاستثناء إلى تمام الجمل لأنّ الاستثناء المتصل لا بدّ من رجوعه إلى العنوان العام و معه يقع التخصيص بالإضافة إلى جميع الأحكام الواردة قبله، و أخرى يتكرّر عقد الوضع بأن يتكرر العنوان في الجملة الأخيرة كما إذا قال: (أكرم العلماء و أحسن إليهم و جالس العلماء إلّا الفسّاق منهم) و في مثل ذلك يرجع التخصيص إلى العام الأخير حيث يجد الاستثناء محلّه فيه و لا موجب معه لرفع اليد عن العموم بالإضافة إلى غير الأخيرة.