و لا يخفى أن النزاع على الوجهين الأولين يكون عقليا، و على الوجه الأخير لغويا.
إذا عرفت هذا، فلا ريب في عدم صحة تكليف المعدوم عقلا، بمعنى بعثه أو زجره فعلا، ضرورة أنه بهذا المعنى يستلزم الطلب منه حقيقة، و لا يكاد يكون الطلب كذلك إلّا من الموجود ضرورة، نعم هو بمعنى إنشاء الطلب بلا بعث و لا زجر، لا استحالة فيه أصلا، فإن الإنشاء خفيف المئونة، فالحكيم (تبارك و تعالى) ينشئ على وفق الحكمة و المصلحة، طلب شيء قانونا من الموجود و المعدوم حين الخطاب، ليصير فعليا بعد ما وجد الشرائط و فقد الموانع بلا حاجة إلى إنشاء آخر، فتدبر.
الثالثة: هل العناوين الواقعة بعد أداة الخطاب تختصّ بمن ينطبق عليه عنوان المشافه و الحاضر مجلس التخاطب أو أنّها تبقى على عمومها كما إذا لم تكن واقعة في تلو تلك الأداة؟
و ذكر الماتن (قدّس سرّه) في الجهة الأولى ما حاصله: أنّه لا بأس بإنشاء التكليف على المعدوم زمان الإنشاء، بأن ينشأ بقوله أَقِيمُوا الصَّلاةَ^ وجوبها، بعدد الموجودين إلى قيام الساعة، بحيث يكون الطلب المنشأ فعليا و طلبا حقيقيا بالإضافة إلى الواجدين لشرائط البعث و الزجر من الموجودين، و إنشائيا بالإضافة إلى غيرهم بأن تكون فعليته في حقّهم عند وجودهم و حصول شرائط البعث و الزجر لهم، فإنّ التكليف الإنشائي خفيف المئونة حيث إنّ قوامه يكون بالتلفظ بقصد حصول ما يحصل بالاعتبار و نظير هذا الإنشاء في غير التكليف و الطلب، إنشاء الملكية للبطون المتأخّرة في الوقف الخاص، فإنّ الواقف حين وقفه ينشأ ملكية العين للبطون بحسب زمان وجودهم و انقضاء البطن السابق عليهم بحيث تنشأ الملكية لهم مع