ثم إن الظاهر أن دلالة الاستثناء على الحكم في طرف المستثنى بالمفهوم، و أنه لازم خصوصية الحكم في جانب المستثنى منه التي دلت عليها الجملة الاستثنائية، نعم لو كانت الدلالة في طرفه بنفس الاستثناء لا بتلك الجملة، كانت بالمنطوق، كما هو ليس ببعيد، و إن كان تعيين ذلك لا يكاد يفيد.
الوجود، فلا يدلّ الكلام على عدم إمكان إله آخر، و إن قدّر الإمكان فلا تدلّ على الوجود للّه سبحانه و تعالى، و كلمة التوحيد لا بدّ من أن تشتمل على نفي الإمكان عن غير اللّه عزّ و جل و إثبات وجوده سبحانه و تعالى.
و يجاب بأنّها تصحّ أن تكون كلمة التوحيد على كلا التقديرين، غاية الأمر انّه على تقدير الوجود يكون الاعتراف بفعلية ذات الحقّ جلّ و علا بالمطابقة، و بامتناع إله آخر بالملازمة، لأنّ الواجب بالذات لا يقبل الإمكان، الخاص و إذا فرض جهته مردّدة بين الوجوب و الامتناع يكون الاعتراف بعدمه اعترافا بعدم إمكانه، و على تقدير الإمكان يكون الاعتراف بامتناع إله آخر بالمطابقة و الاعتراف بوجوده سبحانه و تعالى بالملازمة لأنّ استثناء اللّه سبحانه و تعالى عن الامتناع يلازم الاعتراف بوجوده لعدم إمكان فرض الإمكان الخاص في المقام.
أقول: المشركون في ذلك الزمان بل في كلّ العصور و الأزمنة لم يعتقدوا بوجوب الوجود لآلهتهم ليكون ادّعائهم بوجود الآلهة و اعترافهم بها التزاما بوجوب وجودهم، و دعوى نفي الوجود ملازما للاعتراف بالامتناع، أ لا ترى عبدة الاصنام و الطاغوت، فهل كانوا معتقدين بأنّ الصنم الذي هو مصنوع بأيديهم أو أيدي آبائهم واجب الوجود، و هكذا عبدة النار أو الحيوان هل كانوا يرون كلّ نار أو كلّ فرد من ذلك الحيوان واجب الوجود؟ كلّا و ابدا.
و أجاب المحقق النائيني (قدّس سرّه) عن المناقشة بوجه آخر و هو عدم الحاجة إلى