و أما العبادات فما كان منها عبادة ذاتية [1] كالسجود و الركوع و الخشوع و الخضوع له تبارك و تعالى، فمع النهي عنه يكون مقدورا، كما إذا كان مأمورا به، و ما كان منها عبادة لاعتبار قصد القربة فيه لو كان مأمورا به، فلا يكاد يقدر عليه إلّا الإتيان المزبور مقدورا و إن لم يكن صحيحا و مؤثرا في النقل و الانتقال مثلا.
أقول: كلام الماتن هذا ينافي ما تقدّم من عدم اقتضاء حرمة المعاملة فسادها سواء كان المنهي عنه هو السبب بما هو فعل مباشري أو بالتسبيب و هو مضمونها أو بالتسبب بها إليه.
و كأنّ مراده (قدّس سرّه) أنّ المسبب في المعاملة لا يتّصف حقيقة بالصحة أو الفساد، بل بالوجود و العدم و مقتضى نهي الشارع عن المسبب كونه مقدورا يمكن للعبد إيجاده، فلا يمكن النهي عنه مع عدم صحة المعاملة، و كذا الحال في التسبيب إليها، و هذا بخلاف السبب فإنّ الإيجاب و القبول يتّصف بالصحة و الفساد بمفاد كان الناقصة و لا يقتضي النهي عنه تماميته بحصول المسبّب.
و يبقى على الماتن (قدّس سرّه) الجواب عن الموارد التي يكون التسبيب في المعاملة حراما مع بطلانها كما في الحرمة المتعلّقة بالبيع الربوي تكليفا.
و الحق في الجواب عن كلّ ذلك هو ما ذكرنا من أنّه ليس في المعاملات سبب و تسبيب و مسبّب بالإضافة إلى أثرها الشرعي بل المعاملة بإنشائها و مضمونها موضوع للإمضاء الشرعي، و النهي عنها لا يقتضي الإمضاء و لا عدم الإمضاء، بل مفاده الزجر عن إيجاد الموضوع لا أكثر.
[1] قد تقدّم أنّ المحكي عن أبي حنيفة و الشيباني من دلالة النهي على الصحّة يعمّ النهي عن العبادة.