و أما الكبرى (1): فلأن التقييد و إن لم يكن مجازا إلّا إنه (2) خلاف الأصل، و لا فرق في (3) الحقيقة بين تقييد الإطلاق، و بين أن يعمل عملا يشترك مع التقييد في الأثر، و بطلان العمل به.
و ما ذكرناه من الوجهين (4) موافق لما أفاده بعض مقرري بحث الأستاذ العلامة «أعلى الله مقامه»، و أنت خبير بما فيهما.
(1) أي: و هي- قوله:- «و كلما دار الأمر بين تقييدين كذلك ...» إلخ. أي: قد عرفت النتيجة و هي: أولوية تقييد واحد حاصل من تقييد المادة، على تقييدين حاصلين من تقييد الهيئة.
و بعبارة أخرى: أولوية تقييد لا يوجب بطلان إطلاق الآخر من تقييد يوجب ذلك.
أما وجه الأولوية فهو: كون التقييد خلاف الظاهر، و من المعلوم: أن ارتكاب خلاف ظاهر واحد أولى من ارتكاب خلاف ظاهرين عند أبناء المحاورة، الذين يحتفظون على الظواهر، و لا يعدلون عنها إلّا بقرينة على إرادة خلافها.
و ليس وجه الأولوية لزوم تعدد المجاز على تقدير تقييد إطلاق الهيئة، و وحدته على فرض تقييد إطلاق المادة؛ و ذلك لعدم لزوم المجازية في التقييد أصلا؛ لكون القيد مستفادا من دالّ آخر، مثلا: إن الرقبة المؤمنة حقيقة في معناها، و الإيمان قد أريد بدال آخر من باب تعدد الدال و المدلول، فالتقييد لا يكون مجازا على مبنى المحققين؛ كما أشار إليه بقوله: «و إن لم يكن مجازا»؛ لأن اسم الجنس و نحوه موضوع للماهية اللابشرط المقسمي، و التقييد و الإرسال كلاهما بدال آخر على نحو تعدد الدال و المدلول.
(2) أي: إلّا إن التقييد خلاف الأصل أي: الظاهر.
(3) أي: لا فرق في الحقيقة و الواقع بين تقييد الإطلاق بعد انعقاده، و بين أن يعمل عملا يمنع عن انعقاد الإطلاق، فيشترك مع التقييد في بطلان العمل بالإطلاق؛ كتقييد الهيئة في المقام فإنه يمنع عن وجود الإطلاق في المادة، فالمقام و إن لم يكن من دوران الأمر بين تقييد إطلاقين حقيقة، و بين تقييد إطلاق واحد؛ إلّا إنه نظيره في عدم العمل بالإطلاق، فلا فرق في عدم العمل به بين تقييده و بين إيجاد عمل يمنع عن انعقاد الإطلاق من الأول.
(4) أي: هما اللذان استدل بهما لترجيح تقييد المادة على تقييد الهيئة:
أحدهما: كون إطلاق الهيئة شموليا، و إطلاق المادة بدليّا.
و الآخر: كون تقييد الهيئة مبطلا لمحل الإطلاق في المادة، دون العكس.