مورده، بخلاف العكس، و كلما دار الأمر بين تقييدين كذلك كان التقييد الذي لا يوجب بطلان الآخر أولى.
أما الصغرى (1): فلأجل أنه لا يبقى مع تقييد الهيئة محل حاجة و بيان لإطلاق المادة؛ لأنها (2) لا محالة لا تنفك عن وجود قيد الهيئة، بخلاف تقييد المادة، فإن محل الحاجة إلى إطلاق الهيئة على حاله، فيمكن الحكم بالوجوب على تقدير وجود القيد و عدمه.
الهيئة يوجب بطلان محل الإطلاق في المادة، و يرتفع به» أي: يرتفع بتقييد الهيئة «مورده» أي: مورد إطلاق المادة، «بخلاف العكس» أي: تقييد إطلاق المادة فإنه لا يوجب بطلان محل الإطلاق في الهيئة. «و كلما دار الأمر بين تقييدين كذلك» أي:
أحدهما موجب لتقييدين، و الآخر موجب لتقييد واحد «كان التقييد الذي لا يوجب بطلان الآخر أولى» من التقييد الذي يوجب بطلان الآخر.
و أما توضيح ذلك فكريّا: فيتوقف على مقدمة و هي: الفرق بين تقييد إطلاق الهيئة و بين تقييد إطلاق المادة. و حاصل الفرق بينهما هو: أن تقييد إطلاق الهيئة موجب لتقييد إطلاق المادة أيضا؛ لأنّ إطلاق الهيئة يبطل محل الإطلاق في المادة، فإذا فرض مثلا تقييد وجوب إكرام زيد بمجيئه كان الواجب- و هو الإكرام- مقيدا بالمجيء أيضا، لأن الإكرام حينئذ لا ينفك عن المجيء.
ففيه: ارتكاب خلاف ظاهرين، هذا بخلاف تقييد إطلاق المادة؛ فإن الهيئة تبقى على إطلاقها؛ إذ التقدير ثبوت الوجوب من الآن للإكرام إلى المجيء، فالوجوب ثابت للإكرام على تقديري المجيء و عدمه، ففيه ارتكاب خلاف ظاهر واحد.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: إنه إذا دار الأمر بين ارتكاب خلاف ظاهرين، و بين ارتكاب خلاف ظاهر واحد يقدم الثاني على الأول، و المقام من هذا القبيل.
(1) أي: و هي قوله: أن تقييد الهيئة يوجب بطلان محل الإطلاق في المادة، و قد تقدم تفصيل ذلك.
(2) أي: المادة لا محالة لا تنفك عن وجود قيد الهيئة لما عرفت: من استلزام تقييد إطلاق الهيئة تقييد المادة، بخلاف تقييد إطلاق المادة فإنه لا يستلزم تقييد اطلاق الهيئة كما عرفت.