بانتفاء الدلالات الثلاث؛ مضافا إلى أنه ذكرها في مباحث الألفاظ؛ ضرورة (1): أنه إذا كان نفس الملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدمته ثبوتا محل الإشكال؛ فلا مجال لتحرير النزاع في الإثبات، و الدلالة عليها بإحدى الدلالات الثلاث، كما لا يخفى.
و الثاني: ما أشار إليه بقوله: «مضافا إلى أنه ذكرها في مباحث الألفاظ»؛ فإنه ظاهر في كون البحث لفظيا؛ و إلّا لا وجه لذكره في بحث الألفاظ.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن مقام الإثبات و الدلالة كدلالة اللفظ على المعنى تابع و فرع لمقام الثبوت أعني: ثبوت المعنى في الخارج. إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن النزاع في دلالة اللفظ- في المقام- على الملازمة بالمطابقة أو التضمن أو الالتزام؛ تابع و فرع لثبوت الملازمة واقعا، فبدون ثبوتها واقعا لا يصح النزاع في دلالة اللفظ و عدمها عليها إثباتا.
و من المعلوم: أن الملازمة بين وجوب المقدمة و وجوب ذيها محل الإشكال أي: لم تتحقق بعد، فلا وجه لتحرير النزاع في مرحلة الإثبات، و الدلالة عليها بإحدى الدلالات الثلاث.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «(قدس سره)»
يتلخص البحث في جهتين:
الأولى: هل هذه المسألة أصولية أو غير أصولية؟
الثانية: هل هي لفظية أو عقلية؟
أما الكلام في الجهة الأولى: فقد ذكر المصنف ما حاصله: من أن هذه المسألة أصولية، لأن البحث فيها إنما هو عن الملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدماته، و ليس البحث فيها عن وجوب المقدمة كي تكون المسألة فرعية. و بما أن البحث عن الملازمة تقع نتيجته في طريق استنباط الحكم الشرعي؛ فتكون هذه المسألة مسألة أصولية.
و أما الجهة الثانية: فالظاهر: أن المسألة عقلية؛ لأن الحكم بالملازمة بين وجوب المقدمة و وجوب ذيها من العقل، فلا تكون المسألة لفظية؛ كما ربما يظهر من صاحب المعالم «(رحمه اللّه)» حيث استدل على نفي وجوب المقدمة بعدم الدلالات الثلاث الظاهر في كونها لفظية.