و ربما أشكل على المعلق أيضا (1): بعدم القدرة على المكلف به في حال البعث، مع إنها من الشرائط العامة.
و فيه (2): أن الشرط إنما هو القدرة على الواجب في زمانه، لا في زمان الإيجاب
(1) هذا إشكال آخر على الواجب المعلق الذي قال به صاحب الفصول.
توضيح الإشكال يتوقف على مقدمة و هي: أن للتكاليف الشرعية شرائط و منها:
القدرة على العمل؛ لأن القدرة على الواجب عقلا من الشرائط العامة، و مقتضى شرطيتها انتفاء الوجوب عند انتفائها؛ إذ معنى الشرط ما ينتفي المشروط بانتفائه.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: إن القول بالواجب المعلق باطل لاستلزامه وجود المشروط عند انتفاء الشرط، إذا المفروض: هو انتفاء القدرة على الواجب مع كونها من الشرائط العامة؛ فالحج في الموسم قبل وقته غير واجب لعدم القدرة عليه، فلو كان واجبا لزم وجود المشروط عند انتفاء الشرط. و هو خلف.
(2) أي: ما يرد في هذا الإشكال: أن الشرط للتكليف هو القدرة على الامتثال حين الامتثال لا حين الإيجاب.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن القدرة على فعل الواجب على أقسام:
1- القدرة عليه حين الإيجاب فقط.
2- القدرة حين الإيجاب و الامتثال معا.
3- القدرة حين الامتثال فقط.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: إن الشرط المعتبر في وجوب شيء هو القدرة على الواجب في زمان فعله و امتثاله؛ لا القدرة حين الإيجاب فقط، و لا القدرة حين الإيجاب و الامتثال معا، و المفروض هو: وجود قدرة المكلف على الإتيان بالواجب المعلق في زمان فعله و امتثاله فقط؛ إذ لم يثبت شرعا اعتبار القدرة في زمان حدوث الإيجاب، و يكفي ثبوتها في ظرف الامتثال لتشريع الوجوب من باب الشرط المتأخر، الذي هو من الشرط المقارن حقيقة؛ بناء على ما سبق تحقيقه من المصنف- في مبحث أقسام الشرط- حيث قال: إن الشرط في الشرط المتأخر هو وجوده اللحاظي الذي هو من المقارن، و القدرة كذلك حيث أنها بوجودها العلمي شرط للإرادة لا بوجودها الخارجي.
و لذا لو علم المكلف بعدم قدرته لا يريده و إن كان مقدورا له واقعا، و كذلك لو علم بقدرته عليه يريده و إن لم يكن مقدورا له واقعا.
و كيف كان؛ فالقدرة حين الامتثال من الشرط المتأخر، كما أشار إليه بقوله: «غاية