خطاب آخر، بحيث لولاه لما كان فعلا متمكنا من الخطاب، هذا مع شمول الخطاب كذلك للإيجاب فعلا بالنسبة إلى الواجد للشرط، فيكون بعثا فعليا بالإضافة، و تقديريا بالنسبة إلى الفاقد له، فافهم و تأمل جيدا.
ثم الظاهر: دخول المقدمات الوجودية للواجب المشروط، في محل النزاع أيضا (1)، فلا وجه لتخصيصه بمقدمات الواجب المطلق، غاية الأمر: تكون في الإطلاق و الاشتراط تابعة لذي المقدمة كأصل الوجوب بناء على وجوبها من باب الملازمة.
و حاصل الكلام في الفائدة الثانية هو: شمول الخطاب و عمومه؛ بحيث يشمل واجد الشرط و فاقده، فيكون الخطاب فعليا بالإضافة إلى واجد الشرط، و مشروطا بالنسبة إلى فاقده، فالخطاب في قول الشارع:- حجوا إن استطعتم- فعليّ لواجد الاستطاعة، و إنشائي لفاقدها، فيكتفي بهذا الإنشاء على كلا التقديرين أي: وجود الاستطاعة و عدمها.
لا يقال: أنه يلزم استعمال اللفظ في المعنيين في إطلاق واحد- و هما الوجوب الشأني بالنسبة إلى غير الواجد للشرط، و الوجوب الفعلي بالإضافة إلى الواجد للشرط- كما قلت هذا في صيغة الأمر، و هي: «حجوا» في المثال المذكور.
فلأنه يقال: إن خطاب «حجوا» يدل على إنشاء الوجوب المشروط و الإنشائي فقط، و لكن العقل و النقل من الخارج يدلان على فعلية الوجوب بالإضافة إلى واجد الشرط و هو المستطيع حاليا، كما أن سائر الخطابات الشرعية بالإضافة إلى العالمين بها فعلية، و بالنسبة إلى الجاهلين بها شأنية، فليس في المقام استعمال اللفظ في معنيين مختلفين.
قوله: «فافهم و تأمل جيدا»؛ لعله إشارة إلى ما ذكر من الإشكال و الجواب.
[توهم خروج المقدمات الوجودية عن محل النزاع]
(1) كالمقدمات الوجودية للواجب المطلق، لأنه بعد حصول مقدمات وجوبه يصبح الواجب مطلقا و فعليا. و بحسب الدقة هذا من المصنف «(قدس سره)» دفع لتوهم خروج المقدمات الوجودية للواجب المشروط عن محل النزاع.
أما تقريب التوهم فيتوقف على مقدمة و هي: أن مقدمات الواجب المشروط على قسمين:
الأول: مقدمة وجودية: كقطع المسافة التي هي مقدمة وجودية للحج.
الثاني: مقدمة وجوبية: كالاستطاعة التي هي مقدمة وجوبية للحج.