الداعية إلى طلبه و الأمر به، من غير فرق في ذلك بين القول بتبعيّة الأحكام للمصالح و المفاسد، و القول بعدم التبعيّة كما لا يخفى.
هذا موافق لما أفاده بعض الأفاضل (1) المقرر لبحثه بأدنى تفاوت، و لا يخفى ما فيه (2).
أما حديث عدم الإطلاق في مفاد الهيئة (3)، فقد حققناه سابقا: أن كل واحد من
ذلك؛ بمعنى: أنه ربما يكون الغرض طلبه مطلقا و ربما يكون مشروطا. و لا فرق في اختلاف وقوع شيء مطلقا أو مقيدا بين القول بتبعية الأحكام للمصالح و المفاسد، و القول بعدم التبعية، فكما أنه بناء على التبعية يكون الوجوب حاليا و القيد راجعا إلى المادة؛ كذلك بناء على عدم التبعية، و مذهب الأشعري فإنه يقول: بأن تصور الفعل علة تامة للميل إلى الأمر و الطلب مطلقا، أو مقيدا بشيء.
نعم؛ على القول بالتبعية يكون الاختلاف المزبور ناشئا من اختلاف المصالح و الأغراض.
و كيف كان؛ فقالت العدلية: بتبعية الأحكام للمصالح و المفاسد؛ فإن اللّه تعالى لا يفعل و لا يأمر و لا ينهى إلّا لغرض و فائدة؛ نظرا إلى أن الفعل بلا غرض و فائدة عبث، و العبث قبيح، و القبيح يستحيل عليه تعالى.
و قالت الأشاعرة: بعدم تبعية الأحكام للمصالح و المفاسد؛ بل جوّزوا عليه تعالى أن يفعل أو يأمر أو ينهى بغير غرض و فائدة؛ نظرا إلى أن الفعل بلا غرض و فائدة عبث، و العبث قبيح، و القبيح يستحيل عليه تعالى.
و قالت الأشاعرة: بعدم تبعية الأحكام للمصالح و المفاسد؛ بل جوّزوا عليه تعالى أن يفعل أو يأمر أو ينهى بغير غرض و فائدة؛ بتوهم: أن الفعل لغرض و فائدة من شأن الناقص المستكمل بذلك الغرض و الفائدة، و هو «تبارك و تعالى» كامل لا نقص فيه، غفلة عن أن النقص إنما يلزم إذا كان النفع عائدا إليه تعالى، و أما إذا كان عائدا إلى غيره فلا يوجب ذلك نقصا فيه تعالى.
(1) أي: و هو العلامة الميرزا أبو القاسم النوري؛ كما في «منتهى الدراية» ج، 2 ص 163.
[إشكال المصنف على استدلال الشيخ]
(2) أي: ما في استدلال الشيخ الأنصاري من الإشكال.
(3) هذا جواب عن الاستدلال بالوجه الأول؛ و هو: الدليل على الدعوى الأولى.
و حاصل جواب المصنف عن الوجه الأول هو: أن مفاد الهيئة و إن كان معنى حرفيا؛ إلّا إن المعنى الحرفي لا يختلف عن المعنى الاسمي في كونه مفهوما كليّا، و إن اختلف معه في كيفية الوضع و نحوه، فكما أن المعنى الاسمي يقبل التقييد لقابليته للسعة و الضيق؛ كذلك المعنى الحرفي لما حققه المصنف في المعاني الحرفية؛ من اشتراكهما في