أحدها: ما تعلق به النهي بعنوانه و ذاته و لا بدل له كصوم يوم عاشوراء، و النوافل المبتدأة.
ثانيها: ما تعلق به النهي كذلك و يكون له البدل؛ كالنهي عن الصلاة في الحمام.
ثالثها: ما تعلق النهي به لا بذاته؛ بل بما هو مجامع معه وجودا أو ملازم له خارجا كالصلاة في مواضع التهمة، بناء على كون النهي عنها لأجل اتحادها مع الكون في مواضعها.
و حاصل الجواب عن القسم الأول: إن الكراهة في الموارد المذكورة ليست كراهة اصطلاحية ناشئة عن مفسدة في الفعل حتى يقال باجتماع الكراهة و الاستحباب، فيكون دليلا على جواز الاجتماع.
بل الكراهة بمعنى مرجوحية الفعل عن الترك من دون أن تكون فيه مفسدة و منقصة؛ بل فيه مصلحة، كما في الترك، غاية الأمر: مصلحة الترك أكثر و أرجح من مصلحة الفعل، و هذا الرجحان إنما هو لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك؛ كانطباق عنوان مخالفة بني أمية على ترك صوم يوم عاشوراء.
فحينئذ لم يجتمع فيها أمر و نهي أصلا حتى يقال بجواز الاجتماع، و تكون العبادات المكروهة برهانا على الجواز؛ و ذلك لما عرفت من: أن الكراهة بمعنى مرجوحية الفعل لا الكراهة المصطلحة.
نعم؛ كان الفعل و الترك من قبيل المستحبين المتزاحمين لوجود المصلحة فيهما، فيجري عليهما حكم التزاحم من التخيير مع تساويهما و التعيين مع أهمية أحدهما، و بما أن الترك أهم من الفعل فيقدم عليه. و أن الفعل أيضا يقع صحيحا لعدم قصور فيه أصلا من ناحية المحبوبية، و وفائه بغرض المولى.
فالمتحصل: أن المصنف قد أجاب عن القسم الأول بجوابين:
أحدهما: ما أشار إليه بقوله: «إما لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك».
و ثانيهما: ما أشار إليه بقوله: «و إما لأجل ملازمة الترك لعنوان كذلك».
و حاصل الوجهين: أن أرجحية الترك على الفعل إما لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة عليه كعنوان مخالفة بني أمية في ترك صوم يوم عاشوراء، و إما لأجل ملازمة الترك لعنوان ذي مصلحة؛ كملازمة ترك صوم عاشوراء لحال البكاء و الجزع على الحسين المظلوم، و المفروض: أن مصلحة البكاء يوم عاشوراء أرجح من مصلحة الصوم فيه،