راجح على الفعل الواجب الذي لا بدل له إنما يؤكد ايجابه، لا أنه يوجب استحبابه أصلا و لو بالعرض و المجاز (1) إلّا على القول بالجواز، و كذا فيما إذا لازم مثل هذا العنوان فإنه لو لم يؤكد الإيجاب لما يصحح الاستحباب إلّا اقتضائيا بالعرض و المجاز فتفطن.
(1) و ذلك لاستحالة اجتماع الضدين في موضوع واحد حقيقي و لو بعنوانين، فلا يكون الواجب مستحبا و لو بالعرض و المجاز؛ لأن العرض و المجاز إنما يتصور فيما كان هناك شيئان متلازمان أحدهما واجب و الآخر مستحب، فتكون نسبة فيما كان هناك شيئان متلازمان أحدهما واجب و الآخر مستحب، فتكون نسبة الاستحباب إلى الواجب مجازا من باب نسبة صفة أحد المتلازمين إلى الآخر و في المقام ليس إلّا شيء واحد، و من البديهي: امتناع اجتماع الضدين في موضوع واحد و لو بعنوانين «إلّا على القول بالجواز»؛ بأن يكون تعدد الوجه كافيا في اجتماع الحكمين المتضادين، فعلى هذا القول:
يمتنع القول بتأكيد الوجوب؛ إذ للوجوب موضوع و للاستحباب موضوع آخر، و قد عرفت أن التأكيد فرع للاتحاد.
«و كذا» لا يجري جواب القسم الأول «فيما إذا لازم» الواجب «مثل هذا العنوان» الراجح، و لم يكن متحدا معه، «فإنه» أي: ذلك الملازم «لو لم يؤكد الايجاب» لأجل تعدد موضوع المصلحتين، حيث إن مصلحة الإيجاب تقوم بنفس العبادة، و مصلحة الاستحباب تقوم بالعنوان الملازم لها، فلا يصحح الاستحباب الفعلي للعبادة أصلا؛ لما مر من عدم سراية حكم أحد المتلازمين إلى الآخر. «إلّا اقتضائيا بالعرض و المجاز». هذا بناء على الامتناع.
و أما بناء على الجواز: فيكون الاستحباب فعليا بالعرض و المجاز؛ و ذلك لجواز طلب أحد المتلازمين استحبابا مع طلب الآخر إيجابا.
و كيف كان؛ فإن أمر الاستحباب دائر بين أمور ثلاثة: فيما إذا كان هناك عنوانان متلازمان أحدهما واجب و الآخر مستحب.
الأول: اجتماعه مع الوجوب، و هذا غير تام حتى على القول بالاجتماع؛ إذ لكل واحد منها موضوع خاص به، فلا معنى لسراية أحدهما إلى موضوع الآخر.
الثاني: أن يكون الاستحباب مؤكدا للوجوب حتى يكون واجبا مؤكدا، و ظاهر عبارة المصنف: التردد في هذا مع إنه غير صحيح؛ لأن استحباب موضوع لا يوجب تأكيد رجحان واجب آخر.
الثالث: أن يكون أحد المتلازمين واجبا فقط و الآخر مستحبا فقط، و لا يخفى: أن