منها: أنه لو لم يجز اجتماع الأمر و النهي، لما وقع نظيره، و قد وقع كما في
الفرد إنما تجدي في جواز الاجتماع إذا كان الفرد مقدمة للطبيعتين المأمور بها و المنهي عنها حتى يتعلق به الأمر و النهي معا بلحاظ فرديته لهما، و ليس الأمر كذلك، لأن المجمع في مسألة الاجتماع ليس فردا لماهيتين حتى يتعدد ماهية و يصح تعلق الأمر و النهي به؛ بل هو فرد لماهية واحدة كما عرفت في المقدمة الرابعة، فيمتنع تعلقهما به لاستلزامه اجتماع الضدين لكون الفرد. و هو المجمع. واحدا وجودا و ماهية.
4. رأي المصنف «(قدس سره)»:
هو: امتناع اجتماع الأمر و النهي تبعا للمشهور.
في أدلة جواز الاجتماع
[الدليل الاول]
(1) يعني: قد استدل القائلون بالجواز. مضافا إلى الدليلين السابقين. بأمور: منها: ما أشار إليه بقوله: «أنه لو لم يجز اجتماع الأمر و النهي لما وقع نظيره». و توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن الدليل المزبور يرجح إلى القياس الاستثنائي، و الاستدلال به إنما يتم بعد ثبوت أمرين: أحدهما: الملازمة بين المقدم و التالي و الآخر: بطلان التالي لينتج بطلان المقدم.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول في تقريب الاستدلال: إن الملازمة ثابتة إذ لو لم يكن الاجتماع جائزا لم يقع في الشريعة المقدسة؛ لامتناع وقوع ما هو ممتنع و مستحيل كاجتماع الضدين أو النقيضين. و قد وقع الاجتماع في الشريعة.
و من البديهي: أن وقوع شيء أقوى دليل على إمكانه، فقيام الدليل على اجتماع حكمين. مع التضاد بين الأحكام الخمسة على ما عرفت في المقدمة الأولى. كاشف عن كون تعدد الجهة مجديا في الاجتماع؛ و إلّا لما جاز الاجتماع للتضاد المزبور.
فرافع التضاد هو تعدد الجهة مطلقا، سواء كان الحكمان المجتمعان هما الوجوب و الحرمة أم الاستحباب و الكراهة، فحاصل الدليل: أن العبادات المكروهة مجمع على صحتها، و قد جمع فيها الاستحباب و الكراهة، فلو لم يجدي تعدد الجهة لم يجتمعا؛ لما عرفت من: تضاد الأحكام. هذا تمام الكلام في ثبوت الملازمة بين المقدم و التالي.
و أما بطلان التالي. و هو عدم وقوع الاجتماع. فأوضح من الشمس، فينتج بطلان المقدم أعني: عدم جواز الاجتماع، فالنتيجة هي: جواز الاجتماع؛ لاستحالة ارتفاع النقيضين.