و الظاهر: أنه ليس لهم اصطلاح جديد في لفظ المطلق و المشروط؛ بل يطلق كل منهما بما له من معناه العرفي، كما أن الظاهر: أن وصفي الإطلاق و الاشتراط وصفان إضافيان لا حقيقيان، و إلّا لم يكد يوجد واجب مطلق، ضرورة: اشتراط وجوب كل واجب ببعض الأمور، لا أقل من الشرائط العامة كالبلوغ، و العقل (1).
و المشروط»؛ بل يطلق كل من المطلق و المشروط بما له من المعنى العرفي؛ و هو: كون الوجوب مطلقا يعني غير منوط بشيء. هذا في الواجب المطلق، و كونه منوطا به في الواجب المشروط.
فالمتحصل: أنه ليس لهم اصطلاح جديد حتى يقال: إنهم اختلفوا في تعريف كل منهما؛ بل هم بصدد شرح الاسم؛ و بيان المعنى العرفي، فلا معنى للنقض و الإبرام.
و أما تفصيل الكلام في الجهة الثالثة:- أعني كون كل من وصفي الإطلاق و الاشتراط وصفين إضافيين لا حقيقيين- فهي ما أشار إليه بقوله: «كما أن الظاهر: أن وصفي الإطلاق و الاشتراط وصفان إضافيان لا حقيقيان» بمعنى: أنه يمكن أن يكون شيء واحد بالإضافة إلى شيء مطلقا، و بالإضافة إلى الآخر مقيدا و مشروطا؛ مثل وجوب الصلاة مثلا فإنه مطلق بالإضافة إلى الطهارة، و مشروط بالإضافة إلى الزوال و دخول الوقت، و كذلك وجوب الحج فإنه مطلق بالإضافة إلى السير و قطع المسافة، و مشروط بالإضافة إلى الاستطاعة.
فهذا دليل واضح على أن الإطلاق و الاشتراط أمران إضافيان؛ إذ لو لم يكن كل واحد منهما كذلك- بأن كانا حقيقيين- لم يكد يوجد هناك واجب مطلق من جميع الجهات، و لا واجب مشروط كذلك، كما أشار إليه بقوله: «و إلّا لم يكد يوجد واجب مطلق» أي: و إن لم يكن الوصفان إضافيين؛ بأن كانا حقيقيين لم يكن وجه للبحث عن الواجب المطلق أصلا، إذ لم يوجد هناك واجب مطلق من جميع الجهات، و لا واجب مشروط كذلك؛ إذ ليس في الواجبات الشرعية ما يكون مشروطا بكل شيء، و لا مطلقا بالإضافة إلى كل شيء.
(1) أي: أن كل واجب مشروط بالنسبة إلى الشرائط العامة و هي أربعة: القدرة، و العلم، و العقل، و البلوغ.
و أما تفصيل الكلام في الجهة الرابعة:- و هي النزاع المعروف بين الشيخ الأنصاري و غيره من الأعلام- فهو: أن القيود المأخوذة في لسان الأدلة هل هي ترجع إلى مفاد الهيئة أو إلى المادة.