هذا مجمل الكلام في التوهمين للفصول، فقد يقال في تقريب التوهم الأول: إن النزاع في المسألة يبتني على النزاع في مسألة أصالة الوجود أو الماهية، فإن قلنا في تلك المسألة: بأصالة الوجود فلا مناص في هذه المسألة من القول بالامتناع. و إن قلنا في تلك المسألة: بأصالة الماهية فلا مانع من الالتزام بالقول بالجواز في هذه المسألة.
بيان ذلك. على ما في «محاضرات في أصول الفقه، ج، 4 ص 198». أن القائل بأصالة الوجود يدعي أن ما في الخارج هو الوجود، و الماهية منتزعة من حدوده، و ليس لها ما بإزاء فيه أصلا.
و القائل بأصالة الماهية يدعي أن ما في الخارج هو الماهية، و الوجود منتزع من إضافة الماهية إلى الموجد، و ليس له ما بإزاء.
و بعد ذلك نقول: إنه بناء على أصالة الوجود في تلك المسألة، و أن الصادر من الموجد هو الوجود لا غيره، فلا محالة يكون هو متعلق الأمر و النهي دون الماهية، لفرض إنه لا عين و لا أثر لها في الخارج. و عليه: بما أن الوجود في مورد الاجتماع واحد فلا يعقل تعلق الأمر و النهي به، ضرورة: استحالة أن يكون شيء واحد مأمورا به و منهيا عنه معا و محبوبا و مبغوضا في آن واحد، فإذن: لا مناص من القول بالامتناع.
و أما بناء على أصالة الماهية: فلا محالة يكون متعلق الأمر و النهي هو الماهية؛ لفرض إنه على هذا لا عين و لا أثر للوجود. و عليه: فبما أن الماهية المتعلقة للأمر كالصلاة. مثلا.
في مورد الاجتماع غير الماهية المتعلقة للنهي كالغصب، فلا مانع من القول بالجواز.
و اجتماع الأمر و النهي، و ذلك لأن الماهيات متباينات بالذات و الحقيقة، فلا يمكن اتحاد ماهية مع ماهية أخرى، و لا يمكن اندراج ماهيتين متباينتين تحت ماهية واحدة، فإذن في الحقيقة لا اجتماع للأمر و النهي في شيء واحد.
و لكن هذا التوهم مدفوع بما ذكره المصنف «قده».
و توضيح ما أفاده المصنف في دفع هذا التوهم الأول يتوقف على مقدمة، و هي:
الفرق بين الماهية و العنوان و حاصله: أن الماهية. على ما في علم الميزان. ما تقع في جواب السؤال بما هو من الجنس و الفصل أو الجنس وحده، و قد تقرر في محلّه: إنّه لا يعقل تحقق جنسين قريبين و فصلين كذلك لموجود واحد، فلا يعقل أن يكون لموجود واحد ماهيتان؛ بحيث تكون كل واحدة منهما عين ذلك الموجود الواحد، ضرورة: أن لكل ماهية وجودا واحدا، و لا يعقل أن يكون للماهيتين وجود واحد أو للموجودين ماهية