انتزع عنه؛ بحيث لو لا انتزاعه تصورا و اختراعه ذهنا (1)، لما كان بحذائه شيء خارجا، و يكون خارج المحمول كالملكية و الزوجية و الرقية و الحرية و المغصوبيّة، إلى غير ذلك من الاعتبارات و الإضافات، ضرورة (2): إن البعث ليس نحوه و الزجر لا يكون
متأصّلا كالناطق و العالم، فيكون العنوان من خارج المحمول، و الاسم من المحمول بالضميمة؛ إلّا إن الفرق الأوّل أنسب بالمقام فتدبر.
إذا عرفت هذه المقدمة تعرف: أن متعلق الحكم هو الفعل الصادر عن المكلف؛ لأنّه مشتمل على الملاك الذي يتبعه الحكم لا اسمه و عنوانه؛ لما عرفت من: أنهما من الأمور الاعتبارية التي لا تأصل لها في الخارج، و الملاكات إنما تقوم بالموجودات الخارجية المتأصلة.
(1) قوله: «ذهنا» إشارة إلى أن عروض العنوان لمتعلق الحكم يكون في الذهن؛ لأن عروض المغصوبية للموجود الخارجي المتعلق للحكم. و هو التصرف في مال الغير بدون رضاه. ليس كعروض السواد و البياض و غيرهما من الأعراض الخارجية لمعروضاتها، ضرورة: أن ظرف العروض في الأعراض الخارجية هو الخارج، بخلاف الملكية و الزوجية و المغصوبية و نحوها من الأمور الاعتبارية، فإن ظرف عروضها هو الذهن؛ إذ لا يحاذيها شيء في الخارج حتى يكون الخارج ظرف عروضها.
و المتحصل: أن متعلق الحكم هو فعل المكلف لا اسمه و عنوانه، ففي الصلاة مثلا يتعلق البعث بنفس ما يقع في الخارج من الركوع و السجود و القراءة و غيرها من الأفعال و الأقوال، دون عنوانه كالصلاة و كذا الغصب، فإن النهي يتعلق بنفس التصرف الخارجي في مال الغير بدون رضاه، و عنوان الغصب مشير إليه، فالعنوان المنتزع عن المعنون يكون خارج المحمول، و هو ما ينتزع و يخرج عن ذات المعروض، ثم يحمل عليه من دون أن يكون له ما يحاذيه في الخارج كالإمكان و الوجوب و الامتناع و نحوها مما لا وجود لها في الخارج، و يكون عروضها لمعروضاتها في الذهن، نظير الكلية و الجزئية و نحوهما من المعقولات الثانية.
و عليه: فعنوان الصلاتية، و الغصبية و الملكية و نحوها من المحمول بالصميمة و خارج المحمول لعدم تأصلها في الوجود الخارجي.
(2) تعليل لعدم تعلق التكليف بالاسم و العنوان و قد تقدم تفصيله. و ملخصه: أن الحكم تابع للملاك، فما يقوم به الملاك هو متعلق الحكم لا غيره، و من المعلوم: عدم قيام الملاك بالأمر الانتزاعي، و إنما هو قائم بالموجود الخارجي أعني: الفعل الصادر من المكلف.
فمحصل هذه المقدمة: أن متعلق التكليف هو نفس الفعل لا اسمه و عنوانه حتى