نعم؛ لا يبعد دعوى: الظهور و الانسباق من الإطلاق بمقدمات الحكمة الغير الجارية في المقام؛ لما عرفت من عموم الملاك لجميع الأقسام، و كذا ما وقع في البين من النقض و الإبرام.
الوجوب و الحرمة، «و كذا ما وقع في البين من النقض و الإبرام» لا يختص بقسم دون قسم.
و كيف كان؛ فالمانع من انعقاد الإطلاق بمقدمات الحكمة أمران: الأول: عموم الملاك. و الثاني: عموم النقض و الإبرام الواقعين في كلام الأصوليين، و هو يشمل جميع أقسامهما، فهما قرينتان على خلاف الإطلاق.
و في «منتهى الدراية» ج 3، ص 30- في شرح قوله: «و كذا ما وقع في البين من النقض و الإبرام»- ما هذا لفظه: «يعني: و كذا لا يخلو عن التعسف ما قيل: من عدم تصوير اجتماع الوجوب و التحريم التخييريين، لأجل عدم جواز الحرام التخييري كما عن المعتزلة؛ استنادا إلى استحالة الحرام التخييري، حيث إن النهي عن شيئين تخييرا يرجع إلى النهي عن أحدهما، و هو يقتضي حرمتهما معا؛ لأن الإتيان بكل واحد منهما إيجاد لمفهوم أحدهما، فيكون كلاهما حراما، و من المعلوم: استحالة تعلق النهي بواحد منهما فقط، و تعلقه بكليهما في آن واحد».
و حاصل الكلام في الجواب- عما قيل من عدم تصوير اجتماع الوجوب و التحريم التخييريين- هو: أن ما قيل في وجه استحالة الحرام التخييري من: «استحالة تعلق النهي بواحد منهما فقط، و تعلقه بكليهما في آن واحد» مردود، لأن النهي عن شيئين تخييرا يرجع إلى النهي عن مفهوم أحدهما، و هو ليس بمستحيل أصلا.
و كيف كان؛ فهناك بحث عن جريان النزاع في الواجب و الحرام التخييريين، و قد ذكر المصنف مثالين لكلا القسمين؛ لأن الحق عند المصنف هو جريان النزاع في كلا القسمين.
و مثال الوجوب التخييري: ما أشار إليه بقوله: «إذا أمر بالصلاة و الصوم تخييرا بينهما»؛ بأن يكون الواجب أحدهما تخييرا.
و مثال الحرام التخييري: ما أشار إليه بقوله: «و كذلك إذا نهي عن التصرف في الدار، و المجالسة مع الأغيار»؛ بأن يكون الحرام أحدهما تخييرا.
و حينئذ إذا صلى في الدار، لزم اجتماع الواجب و الحرام التخييريين في شيء واحد؛ و هو التصرف في الدار بالصلاة، فإن هذا التصرف باعتبار الصلاتية عدل للواجب التخييري، و باعتبار الغصبية عدل للحرام التخييري، فلا فرق بين هذا و بين اجتماع