المسألة من المسائل الأصولية، لا من مبادئها الأحكامية، و لا التصديقية، و لا من المسائل الكلامية، و لا من المسائل الفرعية، و إن كانت فيها جهاتها كما لا يخفى،
البحث في هذه المسألة في الحقيقة بحث عن حال الحكم من حيث إمكان اجتماع اثنين منها في شيء و عدم إمكانه. و عليه فتكون المسألة من المبادئ الأحكامية كما هو الحال في بقية مباحث الاستلزامات العقلية.
أما كونها من المبادئ التصديقة للمسألة الأصولية: فلأن المبادئ التصديقية لمسائل علم الأصول هي التي تبتني عليها مسائله، و المراد بالمسألة الأصولية هنا هو: التعارض و التزاحم، و هما في المقام مبنيان على ان تعدد العنوان هل يوجب تعدد المعنون أو لا يوجبه؟
و على الأول: يجوز الاجتماع، و تدخل هذه المسألة في صغريات مسألة التزاحم؛ لعدم التعارض بين الأمر و النهي بعد تعدد متعلقهما.
و على الثاني: يمتنع الاجتماع، و تدخل هذه المسألة في صغريات مسألة التعارض؛ لوحدة المتعلق.
و من هنا يعلم: وجه كون هذه المسألة من المبادئ التصديقية للمسألة الأصولية؛ لأن إحراز كون الاجتماع من باب التزاحم أو التعارض يتوقف على وحدة المتعلق، و تعدده في المجمع. فعلى الأول: من باب التعارض المستلزم لامتناع الاجتماع. و على الثاني: من باب التزاحم المستلزم لجواز الاجتماع.
و أما بيان الفرق بين التعارض و التزاحم فسيأتي في بحث التعادل و التراجيح إن شاء الله.
و كيف كان؛ فمسألة الاجتماع تكون من المسائل الأصولية؛ إذ يكفي في كون المسألة أصولية وقوعها في طريق الاستنباط، و تعيين الوظيفة بأحد طرفيها و إن كانت لا تقع فيه بطرفها الآخر، و إلّا لخرج كثير من المسائل عن كونه مسألة أصولية؛ مثل: مسألة حجية خبر الواحد؛ فإنها لا تقع في طريق الاستنباط على القول بعدم حجيته، و كذا حجية خبر الواحد؛ فإنها لا تقع في طريق الاستنباط على القول بعدم حجيته، و كذا حجية ظاهر الكتاب على القول بعدم حجيته؛ مع إنه لا ريب في كونهما من المسائل الأصولية، فمتى أمكن كون المسألة أصولية لا وجه لأن يكون ذكرها استطراديا، و لا يلتفت الأصولي إلى الجهات الأخر فيها كمسألتنا هذه؛ حيث تكون فيها جهات المسائل الكلامية و الفقهية و غيرهما، إذ قد عرفت في أول الكتاب تداخل علمين أو علوم في المسألة الواحدة؛ بأن تكون فيها جهات من البحث بحيث تدخل بلحاظها في مسائل أكثر من علم.