الثالث (1): أنه حيث كانت نتيجة هذه المسألة مما تقع في طريق الاستنباط كانت
[كون مسألة الاجتماع من المسائل الأصولية]
(1) الغرض من عقد هذا الأمر هو: إثبات كون مسألة الاجتماع من المسائل الأصولية، و أن ذكرها في علم الأصول ليس استطراديا.
توضيح كون هذه المسألة أصولية يتوقف على مقدمة و هي: أن الضابط في كون المسألة أصولية: أن تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الفرعي؛ و لو باعتبار أحد طرفيها من دون ضم كبرى مسألة أخرى.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن نتيجة هذه المسألة تقع في طريق الاستنباط على كلا القولين؛ أعني: جواز الاجتماع و امتناعه.
بيان ذلك: أنه إذا قلنا: بجواز الاجتماع عقلا فيستنبط: صحة الصلاة في الدار المغصوبة، و يستنبط: عدم وجوب اعادتها ثانيا، و إذا قلنا: بالامتناع فيستنبط منه: فساد الصلاة فيها، و وجوب إعادتها ثانيا.
فالمتحصل: أن نتيجة هذه المسألة تقع في طريق استنباط الحكم الفرعي، كما عرفت فلا وجه لجعلها من المسائل الكلامية أو الفقهية، أو من المبادئ الأحكامية، أو من المبادئ التصديقية؛ «و إن كان فيها جهاتها» أي: و إن كان في مسألة الاجتماع جهات تلك المسائل.
أما كونها من المسائل الكلامية: فلأن البحث في علم الكلام يكون عن أحوال المبدأ و المعاد، و المسائل الكلامية مسائل عقلية، و من الظاهر: أن البحث في هذه المسألة عن استحالة اجتماع الأمر و النهي و إمكانه يكون عقليا، فيناسب المسائل الكلامية. هذا أولا.
و ثانيا: أن النزاع في هذه المسألة يكون عن فعله «عزّ و جل» و أنه هل يجوز للحكيم تعالى أن يأمر بشيء لجهة و ينهى عنه لجهة أخرى، أم لا يجوز عليه سبحانه؟ فيكون البحث عن أحوال المبدأ، و عما يصح أو يمتنع على اللّه تعالى، فهذه المسألة من المسائل الكلامية؛ لأن المسألة الكلامية هي التي يبحث فيها عن أحوال المبدأ و المعاد، و ما يصح أو يمتنع على اللّه تعالى.
أما كونها من المسائل الفقهية: فلأن البحث فيها: عن عوارض فعل المكلف و هي:
صحة الصلاة في المكان المغصوب، و فسادها فيه، فينطبق ضابط المسائل الفقهية عليها، لأن البحث في علم الفقه إنما هو عن عوارض أفعال المكلف.
و أما كونها من المبادئ الأحكامية- و هي ما يكون البحث فيه عن حال الحكم؛ كالبحث عن أن وجوب شيء هل يستلزم وجوب مقدمته أو حرمة ضده أم لا؟-: فلأن