النهي في العبادة لا يختص بدلالة اللفظ؛- لما سيأتي إن شاء الله تعالى من عدم اختصاصه بها- بل يجري في غيرها أيضا، فيقال مثلا: هل الحرمة المستفادة من الإجماع و الضرورة تقتضي فساد المحرم أم لا؟ بأن مطلق الحرمة- على القول بالفساد- ينافي العبادية و لو لم يكن الدال على الحرمة لفظا.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «(قدس سره)»
يتلخص البحث في أمور:
1- بيان محل النزاع مع ما في المسألة من الأقوال.
و أما محل النزاع فهو: ما إذا كان ما تعلق به الأمر و النهي واحدا ذا وجهين، و معنونا بعنوانين- كالصلاة و الغصب- بأحدهما تعلق الأمر، و بالآخر تعلق النهي، فإذا صلّى المكلف في الدار المغصوبة؛ يقع الكلام في جواز الأمر و النهي في هذه الحالة.
و هناك ثلاثة أقوال:
قول: بالجواز؛ فيكون العمل محكوما بحكمين لتعدد المجمع، و كونه موجودا بوجودين؛ لأن تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون.
و قول: بالامتناع؛ فيكون المجمع محكوما بحكم واحد- و هو الوجوب أو الحرمة- لاتحاد المجمع، و كونه موجودا بوجود واحد؛ فإن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون.
و قول: بالجواز عقلا و الامتناع عرفا؛ لأن العقل يرى المجمع اثنين لتعدد العنوان و الوجه، و لكن بالنظر السطحي العرفي يكون المجمع واحدا، فيستحيل اجتماع الأمر و النهي فيه.
2- المراد بالواحد في عنوان المسألة: ما لا يكون متعددا، في مقابل ما يكون متعددا؛ لا ما لا يكون كليا في مقابل ما يكون كليا، فيشمل الواحد الشخصي، و الصنفي، و النوعي، و الجنسي. ثم أن تكون الوحدة وصفا للواحد نفسه لا لمتعلقه.
و بعبارة أخرى: المراد بالواحد هو: الواحد وجودا؛ كالصلاة المأمور بها، و الغصب المنهي عنه المتحدين في الوجود، فالصلاة في الدار المغصوبة واحد مع الغصب وجودا، و مصداق لعنوانين. و أما لو لم يكن المجمع مصداقا كذلك كان خارجا عن حريم هذه المسألة؛ كالسجود للّه الذي هو المأمور به، و للصنم الذي هو المنهي عنه لعدم تصادقهما على السجود الخارجي؛ لأن السجود لله تعالى مباين للسجود للصنم في الخارج، و الاتحاد من حيث المفهوم لا يجدي؛ لأن المعتبر هو: الاتحاد من حيث المصداق المفقود