و من هنا (2) انقدح أيضا: فساد الفرق بأن النزاع هنا في جواز الاجتماع عقلا، و هناك في دلالة النهي لفظا؛ فإن مجرد ذلك- لو لم يكن تعدد الجهة في البين- لا يوجب إلّا تفصيلا في المسألة الواحدة؛ لا عقد مسألتين. هذا مع عدم (3) اختصاص النزاع في تلك المسألة بدلالة اللفظ، كما سيظهر.
(1) أي: بأن كانت الجهة واحدة، و الموضوع متعددا- كالاستثناء المتعقب للجمل- فإن جهة البحث- و هي: استعلام حال القيد استثناء كان أم غيره- لمّا كانت واحدة أوجبت وحدة المسألة؛ و إن كان الموضوع متعددا بحسب كونه شرطا، و غاية، و صفة و حالا، و استثناء و غيرها، فإن الاستثناء و الصفة و الحال و نحوها متعددة موضوعا لكنها متحدة جهة كما عرفت.
و كيف كان؛ فلمّا كانت جهة البحث- في صورة العكس- واحدة فينبغي عقد مسألة واحدة، فعدم عقد مسألتين مع تعدد الموضوع كاشف عن عدم كون هذا الفرق فارقا.
(2) يعني: و من كون التمايز بين المسائل باختلاف الجهة لا تعدد الموضوع «انقدح أيضا: فساد الفرق» الذي ذكره بعضهم؛ «بأن النزاع هنا» أي: في مسألة اجتماع الأمر و النهي؛ «في جواز الاجتماع عقلا، و هناك» يعني: في مسألة النهي في العبادة «في دلالة النهي لفظا».
فالفرق بينهما: أن إحداهما عقلية، و الأخرى لفظية. و قد أشار إلى فساد هذا الفرق بقوله: «فإن مجرد ذلك» أي: الفرق المزبور.
و خلاصة ما يمكن أن يقال في تقريب فساد الفرق المذكور: إن مجرد كون البحث عقليا في مسألة الاجتماع، و لفظيا في مسألة النهي في العبادة ما لم يرجع إلى تعدد جهة البحث؛ لا يوجب إلّا التفصيل في المسألة الواحدة؛ بأن يعقد مبحث واحد، و يتكلم فيه تارة: عن الحكم العقلي، و أخرى: عن الحكم اللفظي بأن يقال في مسألة الاجتماع:
يجوز الاجتماع عقلا أو لا يجوز.
و أما لفظا فيدل على الفساد أو لا يدل عليه. و الأول: بحسب حكم العقل. و الثاني:
بحسب حكم العرف. و هذا لا يوجب عقد مسألتين؛ فإن الاختلاف بين العقل و العرف لا يقتضي عقد مسألتين.
(3) هذا إشكال على نفس الفرق المذكور و لو بعد تسليم كونه فارقا و مصححا لعقد مسألتين. و حاصله:- على ما في «منتهى الدراية»، ج 3، ص 20-: أن النزاع في مسألة