الواجب»؛ لكنه ليس كذلك؛ فإنه (1) إذا فرض أن المحصّل للغرض- فيما إذا وجد
الكلام في التخيير بين الأقل و الأكثر
و هناك قولان قول بالاستحالة، و قول بالإمكان:
و الأول: ما أشار إليه بقوله: «ربما يقال: بأنه محال» لكون الواجب هو الأقل فقط إن حصل به الغرض الداعي إلى الأمر؛ لأن الوجوب تابع لما في متعلقه من الغرض، فإذا فرض حصوله بالأقل؛ فلا محالة يكون هو الواجب.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن الأمر- لكونه من الأفعال الاختيارية- لا بدّ له من غرض داع إليه لأن الأمر بلا غرض محال على الحكيم. ثم ذلك الغرض إما يحصل بالأقل و إما لا يحصل به، بل يحصل بالأكثر.
إذا عرفت هذه المقدمة فيتضح لك: أن التخيير بينهما غير معقول إذ على الأول:- و هو فرض حصول الغرض بالأقل- لا يتصف الأكثر بالوجوب أصلا؛ لأن الأقل يوجد قبل الأكثر، فيسقط الأمر بمجرد الإتيان به لوفائه بالغرض.
و على الثاني:- و هو عدم حصول الغرض بالأقل- لا يتصف الأقل بالوجوب- لما عرفت في المقدمة من: أن الوجوب و الأمر تابع للغرض- فلا معنى لجعل الأقل طرف الوجوب التخييري- كما لا معنى لجعل الأكثر كذلك على الفرض الأول.
فالمتحصل: أن التخيير بين الأقل و الأكثر غير معقول، و ما نراه في الشريعة من التخيير بين القصر و التمام و ما شاكلهما تخيير شكلي و صوري لا واقعي و حقيقي؛ فإنه بحسب الواقع تخيير بين المتباينين، لفرض: أن القصر في اعتبار الشارع مباين للتمام، فلا يكون التخيير بينهما من التخيير بين الأقل و الأكثر، بل هو من التخيير بين المتباينين.
(1) هذا ردّ من المصنف على القول باستحالة التخيير بين الأقل و الأكثر، فيصح التخيير بينهما.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن الأكثر يعتبر بشرط شيء أعني: الزيادة، و الأقل يعتبر بشرط لا؛ أعني: عدم الزيادة. و من المعلوم: مغايرة الماهية بشرط شيء، و الماهية بشرط لا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن التخيير بين الأقل و الأكثر يرجع إلى التخيير بين المتباينين؛ لما عرفت: من التباين بين الماهية بشرط شيء، و الماهية بشرط لا؛ فلا يمتنع التخيير بين الأقل و الأكثر، لأن المحصّل للغرض هو الأقل إذا وجد بحدّه، و لا يكون محصلا للغرض إذا وجد في ضمن الأكثر، بل المحصّل هو الأكثر، و إذا كان الأمر كذلك تعيّن التخيير بين الأقل و الأكثر؛ لأن كلا منهما محصّل للغرض، و لا مرجّح