في كل منهما من الغرض، و عدم جواز الإيجاب كذلك مع عدم إمكانه) فتدبر.
بقي الكلام في أنه هل يمكن التخيير عقلا أو شرعا بين الأقل و الأكثر أو لا؟
ربما يقال: «بأنه محال؛ فإن الأقل إذا وجد كان هو الواجب لا محالة، و لو كان في ضمن الأكثر لحصول الغرض به، و كان الزائد عليه من أجزاء الأكثر زائدا على
بغرض يصلح لتشريع إيجابه يكون ترجيحا بلا مرجح، كما أشار إليه بقوله: «مع كون كل منهما مثل الآخر في أنه واف بالغرض».
بقي الكلام بكون كل واحد منهما واجبا تعيينا مع السقوط بفعل أحدهما، و هو الذي أشار إليه بقوله: «و لا كل واحد منهما تعيينا مع السقوط بفعل أحدهما» يعني: و لا وجه لهذا القول أيضا كالقولين السابقين؛ و ذلك فلأنه مع إمكان استيفاء غرض كل واحد من الشيئين أو الأشياء لا وجه للسقوط بفعل واحد منهما، إذ المفروض: عدم التضاد بين الغرضين و كون كل منهما لازم الاستيفاء، و إلّا لم يكن داع إلى إيجاب ما يقوم به.
و مع عدم إمكان استيفائه لا وجه لإيجاب كل من الشيئين تعيينا، لعدم القدرة عليه الموجب لقبح الإيجاب.
و الحاصل: أنه مع إمكان الاستيفاء لا وجه للسقوط، و مع عدمه لا وجه لإيجاب كلّ واحد منهما تعيينا، كما هو واضح.
و قوله: «و لا كل واحد منهما تعيينا» معطوف أيضا على قوله: «أحدهما لا بعينه» يعني لا وجه للقول بكون الواجب كل واحد منهما معينا مع السقوط بفعل أحدهما.
قوله: «بداهة عدم السقوط ...» إلخ بيان لعدم الوجه لوجوب كلّ منهما معينا. كما في «منتهى الدراية، ج 2، ص 553».
بقي الكلام في بطلان القول الرابع؛ و هو «وجوب المعين عند اللّه»، و بطلانه أوضح من الشمس، فلا يحتاج إلى إقامة برهان.
فالحق عند المصنف هو: وجوب الجامع، و قد عرفت وجه ذلك في المقام الأول، فلا حاجة إلى التكرار و الإعادة. نعم؛ في المقام بحث طويل و هو النقض و الإبرام حتى على ما اختاره المصنف، و قد أضربنا عن ذلك رعاية للاختصار.
قوله: «فتدبر» لعله إشارة: إلى أن مرجع هذا القول إلى الوجوبين التعيينيين المشروط كل منهما بترك الآخر، فكلاهما واجبان تعيينيان مشروط وجوب كل منهما بترك الآخر.