أحدهما لا بعينه مصداقا و لا مفهوما، كما هو واضح؛ إلّا إن يرجع إلى ما ذكرنا فيما إذا كان الأمر بأحدهما بالملاك الأول، من أن الواجب هو الواحد الجامع بينهما، و لا أحدهما معينا، مع كون كل منهما مثل الآخر في أنه واف بالغرض، (و لا كلّ واحد منهما تعيينا مع السقوط بفعل أحدهما، بداهة: عدم السقوط مع إمكان استيفاء ما
و منها: هو كون الواجب أحدهما لا بعينه؛ مصداقا أو مفهوما. يقول المصنف في تزييف هذا القول: «لا وجه للقول بكون الواجب هو أحدهما لا بعينه مصداقا أو مفهوما».
أما الأول:- و هو أحدهما لا بعينه مصداقا- فمردود بوجوه:
الأول: أنه خلاف ظاهر الدليل الدال على تعدد الواجب، لأنّ الكلام فيما ورد الأمر بنحو الترديد.
الثاني: أن تعدد الغرض كاشف عن تعدد الواجب.
الثالث: امتناع أن يكون الواجب مصداق أحدهما لا بعينه؛ إذ لا وجود له بداهة: أن الفرد الخارجي دائما يكون معينا لا مرددا نظرا إلى قاعدة «الشيء ما لم يتشخص لم يوجد» فلا يصح جعل مصداق «الواحد لا بعينه» موضوعا للغرض الداعي إلى الطلب و البعث؛ لأن المردد بما هو مردد لا وجود له حتى يكون مصداقا للواحد بعينه.
و أما الثاني:- و هو أحدهما: لا بعينه مفهوما- فمردود.
أوّلا: أن المردد لا واقع له أصلا لا خارجا و لا مفهوما، فإن كل ما يوجد في الذهن أو في الخارج لا تردد فيه، فإذا لم يكن للمردد واقع امتنع أن يكون معروضا لغرض اعتباري أو حقيقي.
و ثانيا: ما عرفت في الأول؛ من أن تعدد الغرض كاشف عن تعدد الواجب.
و ثالثا: أن هذا العنوان ليس من العناوين المقبّحة أو المحسّنة، نعم؛ يصح تعلّق بعض الصفات الحقيقية ذات الإضافة به كالعلم، و أمّا الطلب: فلا؛ لأنه لا يتعلق إلّا بما كان حسنا. و تركنا ما في الوجوه المذكورة من النقض و الإبرام رعاية لاختصار الكلام في المقام، قوله: «إلّا إن يرجع إلى ما ذكرنا» ... إلخ، إشارة إلى توجيه القول بكون الواجب أحدهما لا بعينه، بعد وضوح فساده، و حاصل التوجيه: هو إرجاعه إلى ما ذكره المصنف من أن الواجب هو الجامع بينهما فيما إذا كان الملاك واحدا.
قوله: «و لا أحدهما معينا» معطوف على قوله: «أحدهما لا بعينه» يعني: لا وجه للقول بكون الواجب هو أحدهما المعين؛ لأن إيجاب أحدهما معينا مع وفاء كل منهما