الثاني: أن في الواجب التخييري الشرعي إشكالا يجب دفع ذلك. فلا بدّ من توضيح الإشكال قبل الجواب عنه.
أما توضيح ذلك: فيتوقف على مقدمة و هي: أن حقيقة الوجوب متقوّمة بالمنع من الترك، و الواجب التخييري يجوز تركه.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: إن الواجب التخييري مما لا ينطبق حدّ الواجب عليه.
و أما حاصل الجواب عن هذا الإشكال: فإن الوجوب التخييري سنخ من الوجوب، يتصف به كل واحد من الشيئين أو الأشياء، و لكن ليس اتصاف كل واحد منهما أو منها كاتصاف الشيء بالوجوب التعييني، بأن يعاقب على تركه بالخصوص، و يستحق الثواب على فعله كذلك، بل تترتب عليه آثار الوجوب كعدم جواز الترك إلّا إلى بدل، و ترتب الثواب على فعل واحد منهما أو منها، و ترتب العقاب على ترك فعلين أو أفعال.
فهذه الآثار آثار للوجوب، فتدل عليه.
الثالث: بيان عمدة الأقوال في الوجوب التخييري و هي أربعة:
الأول: ما أشار إليه بقوله: «وجوب كل واحد على التخيير- بمعنى: عدم جواز تركه إلّا إلى بدل-». قوله: «بمعنى: عدم جواز تركه ...» إلخ. تفسير للوجوب التخييري و حاصله: أن عدم جواز الترك مطلقا و لو مع البدل هو الوجوب التعييني كالصلوات اليومية، فلا يجوز تركها مطلقا و لو مع الإتيان بغيرها، و عدم جواز الترك إلّا إلى بدل هو الوجوب التخييري كخصال الكفارة، فإن عدم جواز ترك كل واحد من الأبدال مقيد بعدم الإتيان بالآخر، و إلّا فيجوز الترك، و هذا سنخ من الوجوب يتصف به كل واحد من الفردين أو الأفراد، و هو مغاير الوجوب التعييني بجواز تركه مع بدل، و الثواب بإتيان أحدهما، و العقاب على تركهما معا.
الثاني: ما أشار إليه بقوله: «أو وجوب الواحد لا بعينه»، و الفرق بين هذا القسم و القسم الأول: أن الواجب على الأوّل: كل واحد من الأبدال تخييرا، و على الثاني:
أحدها لا بعينه، فالواجب واحد لا متعدد، ثم المراد من «لا بعينه» هو: الجامع بين الأمرين، و هذه العبارة كناية عنه، فمعنى العبارة: هو وجوب الجامع بين الأمرين.
أو المراد منه هو: وجوب الواحد لا بعينه المصداقي، و هو الفرد المنتشر أو وجوب الواحد لا بعينه المفهومي يعني: مفهوم أحدهما، كما هو ظاهر العضدي، بل صريحة حيث قال في أثناء الاحتجاج: «بأن المراد: وجوب مفهوم أحدهما الصادق على كل