إذا تعلق الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء، ففي وجوب كل واحد على التخيير، بمعنى: عدم جواز تركه إلّا إلى بدل، أو وجوب الواحد لا بعينه، أو وجوب كل منهما مع السقوط بفعل أحدهما، أو وجوب المعيّن عند اللّه، أقوال (1).
و التحقيق أن يقال: إنه إن كان الأمر باحد الشيئين بملاك أنه هناك غرض واحد
[فصل] في الوجوب التخييري
(1) الأقوال التي أشار إليها المصنف أربعة:
و قبل الخوض في البحث ينبغي بيان أمور:
الأول: بيان محل النزاع: و توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي:
أولا: الفرق بين الوجوب التعييني و التخييري.
و ثانيا: الفرق بين التخيير الشرعي و العقلي.
أما الفرق بين الوجوب التعييني و التخييري: فإن الواجب التعييني هو الذي يجب معيّنا، فلا بدّ من الإتيان لشخصه لا به أو بدله؛ كصوم شهر رمضان.
و الواجب التخييري: هو الذي يجب هو أو بدله، فيجب على المكلف الإتيان بأحدهما أو أحدها نحو: كفارة الإفطار في شهر رمضان المخيرة بين العتق و الصيام و الإطعام.
و أما الفرق بين التخيير الشرعي و العقلي: فحاصله: أن التخيير الشرعي هو الذي أمر الشارع بكل واحد من شيئين أو أشياء؛ بحيث لا يكون بينهما أو بينها جامع كقوله: إذا أفطرت صوم شهر رمضان متعمدا «فأعتق رقبة، أو صم شهرين، أو أطعم ستين مسكينا».
و أما التخيير العقلي فهو: ما إذا كان هناك جامع واحد متعلق لغرض المولى فيأمر بذلك الجامع كقوله: «أعتق رقبة»، ثم يحكم العقل بالتخيير بين أفراد رقبة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن محل النزاع هو: الوجوب التخييري شرعا لا عقلا، و لا الوجوب التعييني.